Friday, December 16, 2011

لا تنسى

بجسدٍ تفوح منه رائحة الألم، وتصدّعت عدّة مقاطعات متفرقة منه، أرسمُني على الأرضِ مثل حجرٍ رخامي نحيف
انتظر صوت الطقطقة اليومي من فقرات ظهري .. لأجد نفسي في جسدٍ جديدٍ لا أعرفه ولا يسمحُ لي بالتجولِ .. أو الحركة
مثل تابوتٍ يُصبحُ الكون كل ليلة .. راضٍ أنا تماماً وإن كنتُ .. عاجز عن فعل أي شيء
فاتركوني
ولا تنسوا إغلاق الباب .. كي لا يأتِ قطُ الشارعِ ليموء
وأشعر بالعجزِ لعدمِ قدرتي..
على إطعامه
وقل للأصحاءِ .. الجالسين ضاحكين
المهتمين بنضارة مؤاخراتهم
"من يموت الآن .. لن تجده لحمايتك عندما يقتلونك
وفي الصباح .. لن تجد زهرة الياسمين
فهي تحتضر الآن في شرفتك ..
وتلعن مؤخرتك الملساء "
لا تنسى
..


إهداء واضح

لكل واحد شوفته بعينيّ..

يسمع صوت الرشاش .. وميجريش !

Friday, November 18, 2011

لهيب فسفوري


سوياً رأيتهما، يتهامسان رغم وجودهم بمفردهما على ذلك الشاطئ الواسع، رأيتها تقترب تدريجياً منه كلما ضحكت، أو كلما نظر في البحر وشرد ولو للحظة

كان عاري الصدر ممداً على أريكة بيضاء بلاستيكية لا يوجد غيرها على الشاطئ، سرواله القصير المموّه مثل الجنود ونظارته الشمسية ذات العلامة الفضية يدلان على ثبات وهدوء تنكره حركة أنامله المتوترة نوعاً ما على كأس النبيذ الأحمر

أسند رأسه على كفه حتى أتت هي تحمل طبقاً به شرائح البرتقال والتفاح الأخضر، ترتدي نظارة سوداء تنافس نظارته غموضاً، وقميص أبيض يبدو أنه قميصه هو، وقد فكت أزراره في طريقة مثيرة لا تضاهي تلك الإثارة النابعة من حركتها بذلك الشورت الأحمر، حتى أن حبات الرمل كانت تتسابق لتتعلق بكعبيها الحافيين لتقبّلهما قبل أن تسقط في الخطوة التالية

جلست إلى جواره وقبلّته، وما أن أفلت يده كي يلمس ظهرها المفرود حتى أنهت القبلة سريعاً وتناولت شريحة برتقال بأناملها العذبة، وأخذتها بين شفتيها بطريقة يبدو أنها تعجبه، واقتربت منه بهدوء كي تطعمه البرتقال من شفتيها، كانت مثل ملكة قوية تنسحب من مقاليد الحكم تدريجياً لتـُمَتِـع مَلِكَهَا الجالس يحتسي النبيذ ويأكل من شفتيها

قبل الشريحة الأخيرة، كانت شفتيه قد غرقت بعصير البرتقال وروح النبيذ الأحمر، نظر إليها من خلف نظارته السوداء فاقتربت بلهفة الأطفال، وأخذت تجفف بلسانها شفتيه، اعتدل في جلسته واستند على ظهر تلك الكنبة، وأخذ يتذوق معها تلك النكهة البرتقالية، حتى وضعت كفيها على كتفيه وأبعدته عنها برفق، استلقت على ظهرها بجواره وفردت ساقيها الناعمتين أمامها، ساقيها تزداد جمالاً وإثارة كل لحظة، كما لو أن الحياة لن تأت بسيقان جميلة بعد هاتين

اعتدل بدوره وأمسك كاحلها الأيسر يتحسس خلخالها الفضي بأصابعه، كتمت ضحكتها وأحست برعشة خفيفة في أوصالها، أخذ ينقي حبات الرمل من قدميها بهدوء قبل أن يقبّل ركبتيها وهو يضغط على ساقها بشكل ينم عن شراسة محتبسة داخله

تعتدل في جلستها وتفرد ظهرها كي تصبح جالسة وساقيها مفرودتين أحداهما في يده، ثم تمسكه من ذراعه بأقصى ما تستطيع من قوة، يبتسم لها ويضع كفه حول خصرها ويقرّبها منه أكثر، يبدو أنها تحاول مقاومته ولكنها أضعف من ذلك، همس لها بشيء في أذنها فضحكت، عضها من رقبتها عضة خفيفة وهو يضحك أيضاً، تضربه بيدها على ذراعه فيقبلّها قبلة سريعة وعنيفة ويعود بها مستلقية مرة ثانية على ظهرها

يستلقي بجوارها ويستند على مرفقه بجوار رأسها، وبيده الأخرى يتناول شرائح التفاح، وبين أسنانه يطعمها وهي ترقد بجواره وكأنه ظلّها، تسند كفها على فخذه، تستشعر شيء ما فتقرصه، يبدو أن حرارة هذا الرجل قد ارتفعت كثيراً !

يخلع نظارته وقبل أن يضعها بجوارها يتناول نظارتها هي الأخرى، يلقيهما بلا اكتراث على الرمل، تشيح بوجهها كي تراه النظارتين، فينقض على رقبتها بقبلة تستخلص رحيق صوتها بين شفتيه، تحاول التملص إلا أن ذراعيه يمسكان بها برغبة برية، تأخذ محاولاتها في الخفوت مع انقضاض شفتيه على شفتيها بمنتهى الشوق وكفه تمسك ذراعها بقوة

يبدو أنه شَعَرَ باندماجها، لقد أفلت ذراعيها تدريجياً، وها هي ذراعيها تلتف حول رقبته في لهفة اختبأت خلف محاولات الرفض، وأناملها تتحسس رأسه في فضول أنثوي بها قدر من الاستمتاع، تتحرك يده نحو صدرها لتفك باقي أزرار هذا القميص الواسع، حركات ساقيها المتداخلة توحي بنشوة تحتل جسدها غير الثابت، وحركة أصابعها على كتفيه ورقبته تفضح رغبتها الجامحة فيه

هو بدوره يبدو أنه سيأكلها بتلذذ، يخلع ذلك القميص الأبيض عنها في نفاذ صبر، يقذفه كما لو أنه لا يريد أن يراه مرة ثانية، ينظر لجسدها العاري في عطش يرضي شيئاً بداخلها، ينهال عليها بقبلات جائعة تلتهم بشرتها النقية، يحملها بين ذراعيه ويجلس على الأريكة وقدميه على الرمل، ويمسكها من خصرها ويجعلها مواجهة له ويعانقها عناقاً أبوياً خالصاً، تلتف ساقيها حول خصره في انتماء متناهي، وتمسك خديه بين كفيها وتنظر له في اطمئنان، يتجول بأنامله على شعرها وظهرها الجذاب، يحتضنها فتغمض عيناها وتبتسم ..

ثم فقدا السيطرة في نشوة غلفتها آهات لم يسمع بها إله البحر من قبل.


Thursday, November 10, 2011

آخـر يـوم فـي عُـمـرَك

الحياة والموت، عندما تنقسم اللعنة نصفين، نصف الممارسة ونصف الانتظار

نصف الممارسة بما فيها من إعياء واستهلاك .. وازدهار واقتدار

نصف الانتظار بما فيه من أفكار، وعدم وجود ساعة ولهذا لن تنظر في الساعة!

عادي هتكلم بالعاميّة المصرية، في مرّة ألـّفت حدوتة خلاصتها إن الورود زيّنا، في منهم ضحايا وفيهم شهداء، الضحايا هم كل وردة اتقطفت من واحد وراحت من إيده لبنت مش بيحبها بجد، واستخدم الوردة كوسيلة عشان يضحك عليها - أول على نفسه- وبالتالي الوردة ضحية لكذبة أو خيانة

والوردة الشهيدة، هي الوردة اللي اتقطفت مش بالإيد لكن بالمشاعر، بالود، والعشق، واحد بيحب أوي، وصوابعه حضنت عود الوردة لإنه شاف فيها عود حبيبته، الشكل إنها بتتقطف لكنها في حقيقة الأمر هتعيش كتير جوه روح حبيبته

تخيّل كل ده خلاصة الحدوتة!

فاضل نقطة من الحدوتة، إن لما نموت .. كل وردة هتشهد على اللي قطف، واللي حَضَن .. الله يرحمك يا خالد سعيد .. الله يرحمك يا مينا دانيال!

افتكرت الحدوتة اللي كتبتها وأنا صغيّر دي لما شوفت أول 10 ثواني من فيديو نهاية القذافي، وفعلاً رغم إني شوفت ألعن من ده في التحرير، ويمكن تواجدت في لحظات بريّة قريبة من دي، لكن مقدرتش أكمّل الفيديو

القذافي مات كدة؟

كنت دايماً بقول إن القذافي نهايته هتكون جبانة، وكنت بتوّقع أسمع خبر انتحاره خلال أيام في كل مرّة أسمع عن سقوط مدينة في أيد الثوار، كنت بتخيّل القذافي ماسك مُسدّس دهبي وفيه جوهرة مووف مش بتلمع أوي، والقذافي عيونه لأول مرّة تكون واضحة !

منفوخة ومِحمّرة بعد عياط كتير أوي، أيوه القذافي ده أكيد هيعيّط، كنت بقول إنه جبان ومش هيقدر يواجه، هيستخبى فترة ممكن، وهيعيّط كتير، لكن واضح إنه كان أجبن من إنه يقتل نفسه ! مش عارف ..

بحاول أتخيّل آخر يوم في حياته، آخر نهار .. آخر وشوش شافها مشافهاش قبل كدة، نظرته كانت لناس مش عارفهم، اه كان خايف ومتوتر ومترنح ومتألم لكن كان غريب، مش عارف مكانش ليبي؟ ولا مكانوش ليبيين؟ ولا هُم الليبيين كدة!

هل في اللحظة اللي كان كل واحد بيحاول يلقط بسكينته أي غرزتين في جسم القذافي - وده أكيد تاريخياً على الأقل بين قرايبه ونسايبه هيعيش كتير وهيتحكي في كل عزا أو قراية فاتحة أو فطار في رمضان- كان جزء من انتقامهم بسبب الكلام الاهبل اللي كان بيطلع يقوله؟

حد منهم زنقه –مثلاً- وقال دي عشان من أنتم .. ودي عشان جرذان .. ودي عشان التوك توك .. ودي عشان الفيديو اللي عمله فلان من مصر عليك وقصّرت رقبتنا .. ودي عشان المقال اللي كتبه فلان .. ودي عشان الكاريكاتير .. ودي الأنيميشن .. ودي الفيديو ودي الرواية ودي الإعلان ودي النكتة ودي .. برضة مش عارف!

سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر .. هو اللي فيّ الخير ولا اللي فيّ شر

آخر يوم في عمرك .. هيبقى عامل ازاي؟

واكتشفت إن فعلاً الواحد محتاج يعيش كل يوم في حياته كإنه آخر يوم في عمره..

العُمر شيء يستحق الإيمان به !




من واقع تراك : Mirage .. لصديقي الذي لم نتقابل بعدArmin Van Buuren

http://www.youtube.com/watch?v=mfJC34tOZms


نُشر في مجلة "احنا" عدد شهر نوفمبر

Thursday, October 27, 2011

تـايـهـة



يا تـايهـة .. في غيط القصَب والزَرع

حُضنِي هِنا مَيفـَكّرش عُمرُه في مَنع

اسمَعي صُـوتـي .. وارجعي خـطواتك ال 100

تعالي .. إعقدي عَـزمك وإعلـني النيّــة

وهاتي معاكي عـُـود .. يشهَـد عَـلى لُـقـانـا

سُـكّـر عُـروقـه يـدُوب .. مَحبَـة جُـوّانـا


.

Wednesday, October 12, 2011

هتزعل .. وتجيب ناس تزعل


ده تعبير مش عارف لأمه أي تصنيف، هل هو بيئة ولا لأ، تعبير مش عارف له وش من ضهر يعني، لكن على الأقل فاهمه .. باختصار الزعل هيبقى كتير أوي يعني، وتاريخياً التعبير ده حلاله كدة: "هتزعل وتجيب ناس تزعل"، وهو تهديد ذو ضميرين، الضمير الأول هو ضمير السامع اللي هيزعل على نفسه، والضمير التاني هو ضمير السامع برضة اللي بيفكر يروح يجيب ناس ويكبّر الموضوع فاللي هو ارتاح يا روح أمك عشان هيزعلوا هم كمان!

التعبير ده بقى، ديكتاتور جداً، بيقرر مصير فرد وبيعلن عن رغبته في تحديد مصير أفراد تانية قبل حتى ما يملوا الاستمارات أو يتعرف خلقتهم عاملة ازاي، ومينفعش يتقال من حد إلا إذا كان (كـُبّرى)، مقامه كبير، وشه كبير، كفه كبير، أي حاجة رمزية أو بدنية تؤكد حدوث زعل من طرف أخونا المتحدث يعني!

والتعبير دة لازم يتقال بثقة، وبيتقال مطبوخ، مش رص وخلاص: هتزعل وتجيب ناس تزعل بطعم (يا حيلتها)، وبأداء واحد مش عايز يدخل في وجع دماغ لإنها مش هتاخد منه غلوة، بس يابا لو ليك شوق احنا جايين معاك في أي حاجة

مبدئياً أكتر من تلات ترباع الكوكب شايفين إن الزعل وحش، والربع اللي فاضل مقسوم نصين، يعني تـُمن وتـُمن، تـُمن متعوّد عليها، وتـُمن لا مؤاخذة بيستمتع بيها، ومتلقح في المواقع الإباحية وأسمع إنه بيقبض كويس وحلاوة

وموضوع الزعل ده موضوع مثير لنفوس عدد كبير من المصريين، يعني مُجرد فتح هذا الموضوع يُعتبر إعلان بالحديث فيه لفترة مش مجرد موضوع عابر، صحيح بينتهي بـ"ربنا ما يجيب زعل"، لكن الماضي القريب بيثبت إن احنا البشر اللي بنجيبه لنفسنا

مؤخراً شكيت في حاجة كدة بالوسواس اللي عندي، حاجة تتعلق ببهاء سلطان، كل م اروح حتة أسمع عربية معدّية او تكتك أو مكنة صيني وبهاء بيتساءل : أنا زعّلتك في حاجة؟ طب إيه يا حبيبي هي؟"، ومش بسمع أي كلمة تانية غير الجزء دة بس والموضوع بيستفزني جداً، عايز أعرف هو في حد هيرُد على بهاء سلطان ويكلمه في اللي زعلان منه؟ حبيبته مثلاً أو مديره في الشغل، أو البت أصلا مش زعلانة ولا حاجة هي بس عندها ظروف ومش رايقة النهاردة؟

أصل تكرار السؤال عن الزعل ده معناها إن بهاء سلطان مش بيقول حاجة في الاغنية كلها غير السؤالين دول، وده مُحتمَل لكن مُستبعد، أو الناس مُعجبة بالسؤال أوي وقاصين السؤال ده بس وبيتعاد لوحده؟

ليه بقى يا معلم قولت هنزعل ونجيب ناس تزعل؟

الأول احنا مُتفقين إن الأيام سلف ودين، جميل .. طب احنا بنتعامل إزاي دلوقتي مع كبار السن؟ في الشارع والمصالح الحكومية والسينما؟

أنا ملاحظ إن كبار السن بقوا تربة خصبة للتريّقة، وللأسف مقدرش أقول للهزار عشان كدة أبقى بكدب، يمكن من الحاجات اللي كانت مخلياني حابب البلد أوي وقت الثورة عدد الشباب الكتير اللي كان بيقوم في المترو للرجالة والستات الكبار في السن عشان يقعدوا، والشباب اللي بيساعد وبيشيل اكياس منهم، دلوقتي شايف إننا رجعنا تاني للحركات الأنانية القاسية بتاعة :عدّي يا حج شليتنا، لا يا حجة المحطة اللي بعد السادات اسمها المدافن، وحاجات سخيفة تانية معتقدش إنها ليها أي علاقة بالكوميديا أو الموّدة يعني

بقى عادي إن شوية شباب -للأسف- أهلم ناس محترمة، بيقعدوا ع الرصيف يهزروا (ومش دي المشكلة)، ويشتموا بعض بالأم وأحياناً بالدين (ودي المشكلة) بصوت عالي وفي ناس كبيرة في السن واقفة جنبهم أو معدّية قدامهم

معرفش دة نابع من انانية ولا سوء تصرف، لكن عدم تقدير الكبار في السن دة معتقدش إنه هيعود على الصغير دلوقتي .. بالتهزيق لما يكبر !

وأعتقد إن محاكمة مبارك خير دليل على كدة، (بالنسبة للي بيقولوا إنه كبير في السن)، هو نفسه أول واحد بهدل كبار السن اللي كان بيجروا هنا وهنا عشان عيالهم اللي غرقت في عبّارة أو ماتت على طريق سريع، أو اتحبست ظلم، أو تعبت بالكبدي أو الكلى، أو راحت تتعالج من حاجة وفي المستشفى الحكومية تعبوا بأمراض أكتر

هو بهدلهم (المساهمة بالتقاعص) في معاشاتهم اللي يوم عن يوم كانت بتحسسهم بالعجز أكتر وأكتر، وسمح للسينما في عهده تبهدل صورة الأب والجد والراجل الكبير في السن، وفي نجوم كبار ساهموا في تشويه الخانة دي من مجتمعنا وأسرتنا (عشان كدة بقول ساهم)

أنا بصراحة مش حابب أزعل ولا أجيب ناس تزعل ولا أزعل حد واخليهم يجيب ناس تزعل .. أنا واحد بيقدس الانبساط ومش بيحب النكد، عشان كدة أنا هبدأ أراعي وجود كبار السن وهحترمهم.. وعلى الله!


نـُشر في مجلة "إحنا" عدد شهر أكتوبر

Friday, July 29, 2011

شكراً أيها النادل

شكراً أيها النادل
أنا لا أريد سوى مساحةٍ من الهدوء،
نصف قطرها ثلاثة أضعافِ الكون
وسقفها لن يُرَى بأي عين
بورقِ حائطٍ من الموسيقى المُختارة بلا ترتيب،
إضاءته لآلئ قاع المُحيط
وطاولة ذات كرسي خشبي واحد
ولا بشر ..
علّني .. أجدُني
في لقاءٍ أعلمُ أنه ليسَ على انفراد
رغم كل هذا العدم
بالمناسبة .. كم سيكلفُي ذلك؟


Wednesday, July 13, 2011

كلمة السر .. أعز أصحابي

أعتقد إنك عارف/ عارفة رسايل البحر، رسالة بتتكتب لشخص غير معروف أي حاجة عن تفاصيله، رسالة ممكن تكون فضفضة، شهادة حق, اعتراف أو حتى سب وقذف
الرسالة دي سريّتها بتعتمد على حاجة واحدة بس, إنها تتكتب صح, ويتقفل عليها إزازة واحدة صح, وتترمي في مكان صح من أي بحر, وبتكون رسالة من غير أي رد، لكن مشكلة رسالة البحر في حاجة واحدة, إنك متقدرش تتحكم في شخصية أو نوعية أو جنسية أو لون أو اسم اللي هيستلم الرسالة, يمكن الحاجة الوحيدة المُشتركة بينكوا هي إنكوا بتحبوا البحر انتوا الاتنين
في مرة جرّبت أعمل رسالة بحر، جبت ورقة وقلم وكتبت كلام كبير أوي على سني ساعتها, بأمانة يعني .. كان عندنا مُدّرسة (أبلة / ميس / حسب علامك) بتدينا رسم وكانت جامدة أوي, جامدة بفاتورة يعني, وكل الصبيان في المدرسة حاطينها في دماغهم ومن ضمنهم انا طبعاً, قالت في حصة كدة إنها هتروح المصيف كمان أسبوعين وبالحظ لقيتنا رايحين في البيت عندنا, فكتبت لها مشاعري وأحلامي قليلة الحيا في رسالة بحر, عشان لما تروح المصيف وفي الروقان كده بعد تنضيف الشاليه ورص المعلبات وتطلع البحر وتنزل الميّة تلاقي الإزازة, أصلاً مجرد التفكير فيها وهي نازلة الميّة لوحده يقلق منام العازب!

ولقيت إزازة لكن معرفتش أقفلها كويس، ولما حطيتها في المية قدامي شوية المية دخلت الإزازة وغرّقت الورقة اللي هي الرسالة .. وبصراحة مجرّبتش ده تاني
دلوقتي بكتب رسالة بحر الأولى من نوعها, رسالة مكتوبة عادي, ومقفول عليها كويس جوه إزازة, لكن هتكون أول رسالة بحر ليها كلمة سر.. وقبل م تزاول حياتك .. كلمة السر دي مش موجودة غير عند شخص واحد بس في الحياة هو إسلام الشافعي .. أعّز اصحابي

لكن .. انت تقدر تاخد الرسالة دي لنفسك, وترتبها من تاني, بعد م تقراها تشغّل مزيكا .. وتقراها تاني وانت بتترجم كل جملة لموقف حصل بينك وبين أعز اصحابك, ولمتعة أكبر, اقراها كمان مرة .. وانت حاطط نفسك مكانه .. يمكن تلاقي بين السطور صاحبك بيهمس في ودنك : وحشتني !

الرسالة عبارة عن ورقة واحدة

في النص فوق مكتوب .. علاقة زوجية

سطرين فاضيين

أول السطر التالت :

زوجان, يستطيعان فهم بعضهما الآخر بقليل من الكلمات وفي أحيان كثيرة بدونها, يتمكنان سويّا من تنظيم حياة قد تبدو مشتركة وقد لا تبدو كذلك, يتبادلان أسرارهما كما لو كانت ولاعة سجائر عليها نحت فرعوني يحبانه

زوجان لكل واحد منهما حياة ماضية, وأحباب وأصدقاء وجيران, إلا أنهما يتشاركان معظم هذه التفاصيل, وهم زوجان لا يعيشان في نفس الشارع أو البيت أو الغرفة, وإنما يعيشان في نفس المجرة الفلكية التي لا تسع سواهما فقط

قبل أن يتلاقيا، كل فرد منهما كان قد فقد أقرب البشر لقلبه, ويبدو أن هذا الفقدان قد تم في وقت لا يعرف الرحمة’ وبشكل لا يعرف العطف, يبدو أن أحدهما فقد الثقة في العالم حتى وجد صدقاً والآخر فقد الصدق حتى وجد نفسه في حضن لا يكذب

في الوقت الذي يشهد ممارساتهما لنفس الأفعال, يشهد أيضاً اختلافهما الجذري, فواحد منهما يبدو عليه جنون لا يُقاس إلا بمقياس ريختر, والثاني يتملكه هدوء أعصاب وثبات يعكس عن تريّث عتيق, إلا أن الاثنان يتشاركان فلسفة وحكمة في مواقفهما العصيبة

زوجان, يتشاركان ويتبلوران في كرة سحرية تعدو بين فترات الزمن, اثنان شهدا رحيل أحبابهما المشتركين واحدا تلو الآخر، إما لقارة آخرى أو لحالة أبعد، وبقيا متشبثان ببعضهما البعض كي لا يقابل أحدهما وِحدة لن يطيقها

التزاوج والتمازج والرجولة .. ألوان علم دولتهما المُستقلة الذي يرفرف في نظراتهما عند لقاء بعد غياب شهر مر كأنه سنوات عجاف, الآن أحدهما هناك, والآخر هنا

ذلك الذي هنا وجد عدادات الأمور غير متزنة مثل طائرة تهدد قائدها بالسقوط, وصوت ما ينادي بين نواصي السحاب.. انتباه

الآن مُنتبه أنا يا صديقي .. أن أعز الأصدقاء -فعلاً- لا يجب التقصير ولو حتى بالتفكير فيه، فكلمة "أعّز" قد تتسع لسنوات من المؤازرة والحب والمُشاركة

انت تعلم أن لنا أماً واحدة وأب واحد، نحبهما ويحبوننا، وأعتقد أن من هم مثلنا حَمَلَة الكتب المُلونة، ليس لديهم سوى الله, ذلك الرب الجميل الذي يُحِب ويُحَب, فتأتي طبطبته على قلوبنا في الوقت الذي نظنها لن تدق مبتهجة, وتأتي قرصته حين ندع الظروف تلهو بأفكارنا فنفيق ..

الآن فِق وعانق أعز أصدقائك .. كالرجال

....

هذا المقال للرجال الذين لم يفقدوا القدرة على الإحساس بعد, دون التفكير في أتربة الخيالات الحمقاء



مقالتي في مجلة إحنا عدد شهر يوليو


Thursday, June 2, 2011

بن لادن - بن محوّج

طبعاً احنا المفروض في عصر كل واحد يقول رأيه بحُريّة، والآخر يتقبل حريّة الأول في إنه يقول رأيه، وبالتالي أنا هتكلم عن بن لادن وأنا عامل حساب إن لو حد هيقفش عليّ ف أكيد هيكون واحد من "اللاداينة" اللي هم أهل بن لادن يعني بمن فيهم من أقارب وأصدقاء ونسايب ومعازيم وأجهزة كهربائية (إن وُجد)! لإنهم مش مصريين

إنسى بقى كل كلمة في الحتة -اللي تعمل سيجارتين- اللي انا قولتها دي! ليه بقى؟ لإن سيادتك لسة مفيش حُرية ولا حاجة بس احنا بعتنا نجيب، لكن بما إني راجل حُر وزي الفل هقول رأيي بصراحة، وطالما إنك حالاً بتمثل دور الطرف الآخر، ف انت حُر .. تقولي برافو .. تقفش عليّ .. متكمّلش المقال أصلاً عشان سامع خروشة في المطبخ وشاكك إن الفار رجع تاني .. انت حُر!

حتى الآن أنا بكلمك عن 75% من أول براجراف .. وتوّصلنا – أنا وحضرتك- إننا أحرار، عارف ده معناه إيه؟ إني هقول رأيي بس .. مش هحاول أقنعك بيه، وده معناه إنك مش من حقك تقبل أو ترفض .. لأ .. من حقك توافقني أو تختلف معايا، أكتر من كده يبقى حضرتك بتستعبط وشاري المجلة عشان تتخانق!

التـُت الأخير من اول براجراف .. عن جماعة "اللاداينة"، ودي حاجة كده زي ولاد أبو اسماعيل، عفرة ودوشة وخناق ودم وغـُرز في الوش، لكن النقطة الأهم هي إن في لاادينة في مصر .. تخيل؟

أنا معرفش حاجة عن بن لادن، أو هكذا هتظاهر يعني، أنا هتكلم عن بن لادن كقائد أو مُحارب يرفع شعار الدين والرد على كل من تسوّل له نفسه المساس بالدين، وواضح إن بن لادن زي م تقول كده كان لابد في الدُرة لأي حاجة تمس الدين من ناحية أمريكا بس، ومسمعتلوش أي رد على فقرة الرسام الهولندي، وقبلها موضوع عبدة الشيطان، وبعدهم بتوع الستاند اب اللي بيتكلموا عن ربنا بطريقة مش تمام، ليه دايماً بن لادن بيصوّر مشاهده مع الحكومة الأمريكية بس؟

ده في وجهة نظري مُرتبط بلعبة سينمائية أمريكية، اللي هو بطل خارق طيب (أمريكا) وشخص شرير (بن لادن) مُجرد وجوده يُبرر ضرورة وجود البطل الطيب، يعني م الآخر بحس إنهم الاتنين بيرّكبوا حوار علينا خاصة وإنهم في أول الفيلم كانوا شغالين مع بعض وبيتغدوا سوا في الاستراحة أيام م كان الشخص الشرير هو الإتحاد السوفيتي

دي كانت أول مرة نسمع عن الجهاد بالشكل الألفيناتي الجديد، تحت شعار وقف مد الإتحاد السوفيتي، مش لإنه بيبيض علينا، لكن لإنه بيبيض على أمريكا، وزي م كلنا عارفين أمريكا لا تزرع البيض !

متفهمش بقى لما الإتحاد السوفيتي جاب سلندر، أمريكا الموضوع حرقها أوي، قالت لك الله ؟ طب احنا هنجيب دبان منين عشان نلوش فيه؟ في نفس الوقت بن لادن كان بيلعب السهلة كإنه كان حاطط إيده في إيد إتحاد طلبة عين شمس! فاكر إنه لما يغلب السوفييت -بمساعدة أمريكا- الحكم هيصفـّر وأمريكا تمشي من أفغانستان بعد م تاخد دور الشاي ونشوف على التتر كده مع تحيات الوحدة التاسعة ومحمود بكر بيرغي في أي هذي !

أنا مقتنع إن ده شيء قابل حدوثه، لكن لو خدنا بعضنا كده –أنا وحضرتك- وخرجنا من أوضة السياسة دي عشان مفيهاش تكييف، وحبينا نستكشف كده الجو العام لحياة بن لادن

بن لادن (بيقول) إنه مُسلم، الإسلام اللي زي م كلنا عارفين دين سماحة وسلام، بغض النظر بقى هو اللي ضرب البرجين ولا اليهود ولا مجلس إدارة نادي الزمالك، المهم إن بن لادن كان مبسوط بإنه من أوائل الناس اللي جابت موبايل بكاميرا وكل شوية يصوّر نفسه وهو بيهدد العالم والكون والمجرات بإنه هيقفش على أي دكر يجي ناحية الإسلام.. مش الموضوع كانت بدايته جهاد برضة ؟

أهم إنجازات بن لادن، إنه مش بس خلّى العالم كله يقول إن المسلمين إرهابيين، لأ.. ده كمان خلى شباب كتير تتكلم في الدين بالكف .. يعني قدر يزرع التعصب في دماغ ناس كتير وأظن النتايج نازلة ترّف علينا اهي !

أنا لا بصدّق بن لادن ولا بصدّق أمريكا، لإن الاتنين توقيتاتهم مرتبطة جداً بمصالحهم، آخرها إن بن لادن اللي دوّخ التعلب المكّار اتمسك لما أوباما شعبيته نزلت، وواضح إن أوباما نفسه رايحة على مكالمة مدّتين مش مُدّة واحدة!

لكن وفقاً لثقافتي –السمعية- فهمت إن بن لادن كان بيقعد في مغارة مع حريمه، وإنه لا مؤاخذة في الكلمة يعني كان عنده شرايط أفلام بورنو! طبعاً لو قلت كده للناس في الشارع هتلاقي ناس بتحلف ع المصحف إن ده كدب، وكإنهم كانوا بيروحوا يروّقوا النيش عند أسامة بن لادن ومعاهم نسخة من مفتاح شقته اللي في الرحاب!

اللي غاظني مش إنه عنده شرايط، اللي غاطني إنها شرايط! تخيل كده مخبأ فيه شرايط فيديو وبيقعد بالريموت على الصخرة بيرجّع الحتة اللي البت بترمي فيها علبة السجاير على طرف السرير .. وبيجري الكلام اللي في الأول عشان مش وقته يعني !

أنا بمنتهى البساطة شايف إن بن لادن مش بطل، شايف إنه واحد تسبب في مشاكل استراتيجية وثقافية وتعصبية ضخمة أنا واحد من الناس اللي هشيل مساوئها، أنا شايف إنه إرهابي وكان فالح أوي يعمل كل حاجة تثبت إن عقيدته عقيدة حرب ودم وشراسة .. وأعتقد إننا لو بصينا على دقنه من تحت كده هنلاقي مكتوب بخط صغير ..

Made in USA


اللاداينة بقى .. هتلاقيهم ع الفيس بوك مالين الحياة بصفحات وجروبات إن بن لادن شهيد وجو كده

بالمناسبة .. ربنا اللي بيحاسب!

..

مقال مجلة "إحنا" عدد شهر يونيو

Wednesday, May 18, 2011

حقوق الكذب .. محفوظة


مشهد 1

ليل خارجي

شوارع

بشر يتكدسون فوق بعضهم البعض، لا ينعمون قط بفرحة حقيقية، ينتمون لوطن ما هناك ما يُشبه السرد عن تاريخه العريض، هؤلاء البشر انحدرت أحلامهم من الصعود للقمر، السفر حول العالم، طلب العلم في بلاد تـُقدّس العلم، الاستمتاع بالعمر، وأحلام أخرى من فئة الإنسانية السعيدة .. انحداراً مفزعاً لحلم شديد الرُخص .. الطعام

قطع

مشهد 2

ليل داخلي

بيوت

صالة شاسعة، تكدست فيها ألف مائدة فاخرة، وألف طاولة متوسطة الحال، وآلاف من الطاولات القـُرصية الريفية، ونفس البشر وقد هدأت أنفاسهم قليلاً وجف عرقهم المتسخ بالأتربة والعوادم، شاردون في العدم، نظرات خالية من الرضا و الاستمتاع، تبدو للناظرين أنها تتابع أجساداً عارية على شاشة صينية كبيرة، أو تنظر في بلاهة لأطباق تكره ما بجوفها، ولكن هؤلاء البشر يلوّكون في أفواههم السرطان

قطع

مشهد 3

ليل داخلي

غرفة أطفال

البشر الآن لديهم أطفال، يُمسكون بكتبٍ مدرسية داخل صفحاتها نجد علم دولة ما في طباعة رديئة، نرى لوناً أحمر يتجاوز الرسم .. لوناً أسود يتجاوز الرسم، ونسراً عارياً وكأنه يقف بجوار ملابسه الذهبية، الأطفال تمسك أقلاماً من الرصاص، وتكتب بلادي بلادي بلادي .. لكِ حُبي وفؤادي، يتذكرون كيف كانوا يهتفون بتلك الكلمات منذ ساعات بقليل من الإدراك وعميق من الإيمان في طابور مدرسي وهم يرفعون رقابهم العصفورية نحو قطعة قماش مُتسخة ومهترئة لا تسر الناظرين

قطع

مشهد 4

ليل داخلي

شاشة كمبيوتر

الأطفال نضجت، شباباً الآن بعد رحلة بدت لهم طويلة، تشابكت فيها أغصان الكذب فوق رؤوسهم حتى أجبرتهم على الانحناء، وحجبت عنهم شمساً بدت لهم صينية بدورها مثل كل التفاصيل، وأمام الشاشة نراهم وهم في حالة ما من تغيُّر كيميائي مُركّب، وفي عيونهم سطور كفرت بكل ذلك الخير المكتوب في الكتب أو كلمات الوالدين عن زمن لم يروه، الشباب يتحسسون ظهورهم المُتعبة من الانحناء، هناك شيء ما يحدث .. هناك شيء ما يحدث

قطع

مشهد 5

النهار الخارجي

ميدان واسع

أعلام نظيفة لعلم مصر، شباب ينتفضون تحت أغصان الكذب المتشابكة، أصوات من هؤلاء الخانعين الذي جاءوا بنا إلى تلك الحياة المُظلمة، تدعو لتسليك الأغصان، لكن الشباب تختار أن تكسر الكذب، ويبدأ شعاع الشمس الملهوف لتلك الأرض في الوصول، يتساقط على الأرض شباب مثل الورد، وبجوارهم تطير فراشات بنفسجية اللون في هيئة استعراضية نبيلة، تحمل أرواحهم وتصعد للسماء، وشباب تسيل الدماء على رقابهم، ولكن في أصواتهم حروف خالدة للحرية تسحق كلاباً بوليسية

قطع

مشهد 6 – فلاش باك

أبيض وأسود

نغمشة تسجيل قديم للغاية نهار

بدو يمتطون أحصنتهم ويرفعون سيوفهم، وخلفهم رُماة لا تـُميّزهم إلا القذارة، يمرون بجوار جنود من عصرنا بلا ملامح أو أطراف أو أسلحة .. ويقذفون النار والأحجار

مزج - ألوان طبيعية

ماسورة بندقية حديثة بمنظار رهيب

الشباب يموت .. والفراشات تحمل أرواحهم بنفس الاستعراض

قطع

مشهد 7

آخر النهار – خارجي

البشر (مشهد1) .. يتحركون في نظام مثل أموات أو بشر آليين، ويقولون نعم .. نريد أن نعود للسرطان

قطع

مشهد 8

ليل – داخلي

طريق به أعمدة نور قديمة

شاب يُمسك بورقة نتيجة ويعد على أصابعه عدة دورات وكأنه يحسب عدد أيام من تاريخ ما، ويبدو عليه الاستياء عدد الأيام الكبير وهو يرى البشر يضعون أطواق الورد حول أعناق الجنود الذين انحنوا في حب متناهي ويكملون طريقهم وهم يسحبون عدداً من اللصوص ثم ينعطفوا يساراً ليدخلوا مبنى ما يُشبه متحفاً خالياً، يقدمون للصوص الطعام والشراب، ويطلقون كلابهم البوليسية على الشباب المُعلّق من أرجله في ما يشبه المقصلة، ويسمع البشر صراخ أبنائهم ولكنهم يُفضلوا الركض مثل الوحوش من أجل مد المنزل بالسرطان

قطع

مشهد 9

ليل – داخلي

الشارع

ما تبق من الشباب ينظرون في ساعاتهم ثم إلى السماء، يبدو أنهم ينتظرون شيئاً ما، يلمحون على الأرصفة بعض اللصوص قد خرجوا لتوهم من زنازينهم وقد أفرغوا جيبوهم فقط، وعلى الجانب المقابل نرى نفس الشاب الذي يعد على أصابعه وهو ثائر ويركل الصخر ويقذف حجراً في السماء فيمر الحجر ليكسر شيئاً كان يحجب نور الشمس، ينظر الشباب لبعضهم في ذهول، ويكتشفون أن الأغصان عادت من جديد وأن النهار قد بدأ منذ فترة ولكن خلف تلك الاغصان

قطع

مشهد 10

فلاش باك

ليل خارجي

شارع

الجنود يتلفتون حولهم وهم يقومون بتشبيك الأغصان مرة أخرى في السماء، وقد لّفوا أسلاكاً شائكة حول كل غصن، ويبدو عليهم السرعة في العمل، يمر شاب بجوارهم، فيسرعون بحجب الأغصان بظهورهم ويتظاهرون بأنهم على أهبّة الاستعداد ... يلوّح لهم الشاب مُبتسماً ضاماً قبضته رمزاً للقوة، فيبتسموا له ابتسامة تسمى "ابتسامة البطل المتواضع"، حتى يُمر من الشارع فيستكملوا المُهمة بشكل أسرع

مشهد 11

ليل – داخلي

غرف نوم شباب

الشباب في آسرتهم مستلقون على ظهورهم، يفكرون في شيء ما، وعلى الأرض بقايا صور مُقطعة لبعض من البشر، ينظر الشباب من النوافذ فلا يروا بدراً في السماء، يرسمون بالطباشير على الحوائط شمساً وقمراً .. وينامون

قطع

مشهد 12

ليل – داخلي

غرف نوم شباب

شباب ارتدوا ملابسهم وقد تزيّنوا مثل المرّة الأولى، ينظرون نظرة وداع لأشيائهم المتراصة في الغرف، يتحسسون الشمس والقمر المرسومان على الحائط، يسمعون آذان ديك .. فيتحركون تاركين الأبواب مفتوحة .. وهنا ورقة على الحائط مرسوم عليها بالألوان الخشبية علم مصر .. ورقم 27 .. وكلمة : يا رب

علي قنديل

Tuesday, May 3, 2011

سيبوني ألاعب الوَحـش

كلمة الوحش ارتبطت في ذهني بأيام وساعات وأحلام ومواعيد كتيرة في الطفولة، مش هنسى الوحش بتاع كل حلقة في مازنجر، رغم إن كلامي لما يبدأ بمازينجر ده في حد ذاته –نظرياً- ينسف المقال بتاعي النهاردة

ليه بقى؟

لإني حابب (أرغي) شوية عن فكرة الوحش اللي معظم الشباب دلوقتي ارتبطت بيه -ويمكن لسة مُرتبطة- لإنه كان بالنسبة لنا مش بس علامة انتصار، ده كان حاجة زي رفع العلم على الضفة كده بالنسبة لشوية أطفال وصبية الدكر فيهم عنده 14 سنة!

كانت كل لعبة عبارة عن مستويات، مستوى أول، تافه, تعليمي، بيفهّمك يعني الدنيا ماشية إزاي في الحوار اللي انت فتحته على نفسك ده، يعني ماريو مثلاً – أيوه قاسم أمين ألعاب المرأة وفقاً للمقال اللي فات- كان بيبدأ أول مستوى بشوية طوب ومواسير خضرا وسلحفاة وبتاع بُني كده متفهملوش وش من ضهر، في ماسورة منهم ممكن تنزل فيها عشان تلاقي شوية دهب يكفوك انت وشلتك عشان كل واحد يروح يقرا فاتحة مع أبو البت اللي ماشي معاها !

لكن في ملحوظة للصيّع في لعبة ماريو، كان في حجر معمول هيدين كده زي فولدرات الأفلام البورنو على الجهاز في الثانوية العامة، الحجر ده بعد الماسورة الخضرا اللي فيها الدهب في أول مستوى، تقف في حتة معينة على طرف النجيلة وتخبط الحجر الذي لا يُرى بالعين المجردة، يطلع لك مشروم اخضر شكله مغسول كده ولما تاخده (المشروم يعني!) يديك روح زيادة، ولو انت بقى من المُسجلين خطر في اللعبة تقدر تاخد الروح وترجع الماسورة كل ده وانت دايس سرعة!

لو انت مش عارف لعبة ماريو أصلاً .. أكيد اتخنقت وبتقول إيه الرغي ده؟ ومن البديهي أقولك إطلع بنظرك فوق كده هتلاقيني قايل في تاني براجراف أرغي بين قوسين! بس لو اتفقنا على إن الناس لبعضيها .. يبقى إشتري مني

إيه العلاقة بقى بين الوحش؟ والروح؟ والماسورة الخضرا؟

سؤال مالوش أي لازمة لإني بصراحة مقتنع إنك تقرا وتوصل معايا واحدة واحدة، انت شاري المجلة دي عشان تقراها مش ترازيني !

لكن خليك معايا كده لحظة! أنا مهما كنت عارف دهاليس اللعبة، وعارف المستخبي فين والدهب فين .. لازم غصب عني ألاعب الوحش وأغلبه عشان أبقى قفّلت اللعبة، صح؟ حلو, طب مثلاً لو خدنا ماريو مثال، وفي أسوأ حالاته كمان، تخيّل كده ماريو وهو صغير داخل ع الوحش اللي بيتنطط على الجسر ده .. يعني ماريو لا كبير ولا معاه ضرب نار (أو ورد أو زهر أو شوك حسب منطقتك السكنية وتعريفها للسلاح العجيب ده)

هيبقى مطلوب منك عزيزي القارئ إنك يا تنط من فوق الوحش نطة مظبوطة أوي، أو تعدي من تحته بسرعة جداً وهو بينُط بتوقيت مظبوط أوي، وساعتها توصل لحاجة كده تقف عليها .. فالجسر يتفك والوحش يقع في الحمم البركانية

حتة تصوير بطيء كده، يعني أنا أعدّي من فوق أو من تحت هذا الوحش اللي عمّال يتف نار على خلقتي عشان ادوس على حاجة معمولة أصلاً عشان اللحظة دي، ده أكيد مش أوبشن من الوحش إنه يقف على جسر بيتفك، دي استهبال من صانع اللعبة بس هو برضة في أول اللعبة قال بين قوسين إن اللعبة دي في الهيافات يعني .. حاطط لك سلحفة ومواسير دهب ومشروم وأرواح ونجمة وضرب نار وانت ماشي تمام حتى لما ماريو كان بيضرب نار (في مستوى المية) .. متجيش عند الوحش .. وتعترض بقى ! صح ؟

ومن ناحية تانية، انت خلاص بدأت اللعبة وعايز تخلّصها، حتى لو ولاد خالتك مش قاعدين جنبك، انت بينك وبين نفسك .. عايز تكسر آخر اللعبة .. عايز تغلب الوحش

طبعاً كل لعبة كان ليها وحش، تنين، مُصارع، مدينة صعبة، أي حوار فاكس المهم إن يكون في حاجة تطلع عين اللاعب وتبقى في نظره .. وحش

طب إحنا جيل اتربى على إنه مش بس يبقى مستعد إنه يلاعب الوحش، لأ ده كمان ده إتأسس على إنه يسعى بكل قوته إنه يوصل للوحش .. ويغلبه

أفهم بقى .. ليه الناس مستغربة إن الشباب مبدأتش تهدا فعلاً .. غير لما بدأت تلاعب الوحش .. هو وأسرته ؟

كل لعبة وليها آخر، والشباب اللي في الشارع ده مش بتسيب الدراع أو الجوي ستيك ( حسب علامك برضة) إلا لما تفش غل كل المحاولات والأذى في أم الوحش ده لما تشوفه!

أعتقد إن في معادلة كده فاتت على كل القيادات السياسية اللي اتربت على لعب الكورة الشراب والسبع طوبات (اللي بحبها)، إن المعادلة بتاعتنا فيها وحش .. والمعادلة بتاعتهم فيها وقت !

وبقليل من الخبرة في علم الكيمياء الحديثة، هتكتشف بسهولة إن الوحش بياكل الوقت، يعني ممكن تلاعب الوحش كل يوم لغاية م هيجي له يوم تغلبه وكل م الوقت يعدّي .. كل م إصرارك على إنك تغلب الوحش .. هيزيد

دلوقتي في معادلة جديدة .. أول مرة نشوف وحش يوم م يجي له قلب .. يقف !

وحش في العناية المركزة، أو بيتعالج برة، أو وحش حواليه مجموعة حرامية بتشد منك الدراع وانت بتلعب !

أعتقد إن الشباب اللي اتعوّدت (تغلب) الوحش، بعد عشرين أو تلاتين سنة، هتقدر تفهم إن في وحش لازم يتغلب، وهتقف جنب ولادها وهما بيلاعبوا الوحش .. وهيبقى من الصعب جداً .. يكون في ناس -بعد كل العناء ده في اللعبة- بتقول : إحنا آسفين يا وحش!

ملحوظة : أي وحش يشوف في نفسه إنه وحش .. يبقى وحش



....
مجلة "إحنا" عدد شهر مايو

Monday, May 2, 2011

أيها الشعب .. دوس مُربّع



أنا فقر !

في هرمون جوايّا مانعني ألعب بلاي ستيشن 3 ، أنا كنت بحب الأتاري بتاع زمان، الطيارات أم دراعات سودا دي وزرار أحمر، "آكال البسكوت - عربيات (السبق)" اللي كل أطفال مصر كانت بتروح تاجر الجيم ب 10 صاغ من عند عم أبو عمرو -الله يرحمُه - اللي كان بالنسبة لي آله الأتاري عند الإغريق!

إلى أن ظهر قاسم أمين الأتاري "سوبر ماريو"، اللي ساب الفدان بتاعه وطلع جري وسط كائنات عيش الغراب وحاجة كده شبه لسان العصفور، عشان تحرير المرأة، وفي المرحلة دي توّلى عم أبو جورج مقاليد التحكم في مجريات أمور الأتاري، الدراع بقى صغير وفيه 4 زراير ودي بالنسبة لنا كانت مزاولة بس ماشي

كان في ألعاب كتير أيام م كانت الحياة بسيطة، بُعد واحد أو نص بُعد كمان، لكن مع ظهور الأبعاد الثلاثة.. ظهرت معشوقة حياتي "الكورة اليابانية" اللي بغض النظر عن إن اللاعيبة بتتحرّك زي التاكسي يمين في شمال .. إلا إن المزيكا بتاعتها كانت مُبهجة

وظهرت "الكورة المصرية" جرّبتها مرتين لقيتها بطيئة ومملة وعايزّة واحد معندوش طموح أو مالوش أهل وممكن يقعد لها يعني!، فرجعت ألعب بلياردو تاني وتنس طاولة، م أنا مزوّغ من المدرسة عشان ألعب مش أروح الجنينة ولا أخرج مع بنات!

بس بحب اللعب والأتاري، وخلاص مش لاقي حاجة غير أم البلاي ستيشن ده، بإعلاناته وملامح اللاعيبة اللي كل يوم بتبان حقيقية اكتر، ولقيت إن الموضوع إتغيّر وبقى ممكن تلعب بلاعيب واحد بس من الفريق، أو تبقى مدرب.. قلت لأ .. سأعود إلى الملاعب

لما لعبت بلاي ستيشن، موضوع ثلاثية الأبعاد ده في اللعب، لفت انتباهي إني وأنا بجري باللاعيب لازم أكون كاشف الملعب، وفاهم كويس إني لما أحب أباصي بيه أخلي جسمه معدول، وشوية التزامات كده لو معملتهاش اللاعيب مش هيعمل اللي أنا عايزه

بالإضافة .. إلى إن اللاعيب مش زي اليابانية هيفضل يرمح زي الفرس الأبجر كده من الجون للجون، لا .. د انسان وليه طاقة وبيفرهد وبتاع .. اللعب بقى بجد خالص!

بقيت أحاول أبص للأمور من بُعد واتنين .. وأحياناً لو دماغي رايقة من تلات أبعاد، لكن دايماً في حاجة ناقصة، في بُعد رابع مش موجود، لكن شباب 25 علّموني يعني إيه بُعد رابع

لما كنا في الميدان، كنا كلنا بندوس مربع، وكل اللي حوالينا بيصرّخوا "دوس إكس دوس إكس"، لكن احنا كنا على خط ال18 وفي زاوية مفتوحة، وإحنا عشان قبل م ندوس إكس أو مربع .. بصينا ع الخطة وشوفنا قدرات اللاعيبة إيه عرفنا إننا ممكن نشوط من بره ال18 .. طالما قانوناً الجون هيتحسب

دوسنا مربع .. مبارك وقع أو هكذا تظاهر

لما كنا بندوس مربع، كنا بنكمّل الطريق لغاية م جه الاستفتاء، في وجهة نظري الاستفتاء ده يعتبر شد من الفانلة بواسطة النظام في مباراته مع الشعب، الشعب اللي بعد م كان ماشي إشطة قرر إنه يرمي نفسه ع الارض يمكن الحكم (اللي هو عنصر الوقت) يدّي إنذار للنظام

يوم 25، ناس سألوني: تفتكر اللي احنا بنعمله دلوقتي هايجيب نتيجة؟ كنت بجاوب: "كفاية إن الشعب بقى بيشوط ع الجون .. هي مسألة وقت بس نشوط" .. وفعلا! شوطنا كتير وأنجزنا حاجات .. مع إن الشعب كله كان بيقول كفاية بقى .. دوس إكس .. طب دوس مثلث

الفكرة ببساطة، إن شباب 25 بصوا قدامهم لقوا مدفع وهم لوحدهم قدامه، قفشوا! وهي الثورة إيه غير قفش؟

الشباب صدّقوا بعض، وصدقوا وطنهم، والأهم من ده إن كل واحد صدّق نفسه، شباب 25 صدّقوا بكرة، إنه جايب نهار يستاهل المشوار! صدّقوا قوتهم الجبارة لما وقعت قدامها أنظمة جبّارة، أو ع الأقل اهتزت وعلى رأي جدتي الله يرحمها لما كانت تبص على المجلس الوغد للشعب : الحكومة اتشحكلت في لباسها!

أنا عارف كل شباب 25، عارف كل واحد اسمه إيه، بيحب إيه، مؤمن بإيه، عارف ماضي كل واحد منهم مع الشارع، إزاي كان قلبه بيقرصه لما يشوف أمين شرطة بياخد إتاوة، وإزاي كانت إيده بتترعش لما يسمع عن اغتصاب للبنات في وسط البلد، وضغط دمه اللي كان بينفر لما حد يقوله وانت مالك؟

وأقولكوا سر، كل شاب من شباب 25 كان عايز يمشي من مصر، ويخرج بعيد عن العادم ده، عادم الجهل والأنانية والاستغلال، لكن كل شاب من دول أعلن إنه مش بس هيدّي فرصة للبلد، لأ .. هيجيب البلد اللي اتسرقت

واقولكوا على عيب خطير فيّ؟ إنا قبل م أدخل الميدان كنت فاكر نفسي آخر الرجال المحترمين، وإن الآخرين مخهم جزمة ومش عايزين مصلحة البلد وإن أنا مصري جداً وبجد .. لوحدي

لكن التحرير أثبت إننا كتير أوي، حتى بوجود الكومبارسات والبارشوتات والزحاليق والبطاطا وكل ده، المصريين كتير أوي، اللي بيعشقوا مصر، اللي يرموا نفسهم في النار بجد عشان مصر، اللي مصر بالنسبة لهم أحب وأجمل الأشياء مش كلام، اللي صبروا ونالوا, اللي بينزلوا من التاكسي لما يشوفوا بنت بتتعاكس، اللي بيحبّوا كبار السن في السكة، اللي بيحافظوا على نظافة التواليت وراهم

أنا عن نفسي .. يوم الأربعاء 2 فبراير موقعة الجمل وبالليل المتحف، اتصابت إصابات كتير، في دماغي وضلوعي وكتفي اللي اتخلع، ولا كان عندي أزمة، وبصراحة أكتر بقى عشان مش هعرف أخبيها .. أنا زعلان جدا من كل اللي قالوا نعم .. ساعتها بس حسيت إني انضربت ومخدتش حقي، وده عمره م حصل!

اتنرفزت وسبيت ولعنت، والفيس بوك بتاعي يشهد إني كان ناقص أقول كلام قبيح رسمي، لكن لما هديت شوية .. اكتشفت إني مش لوحدي بقول لأ .. ده أنا على اقل تقدير .. أربعة مليون مصري جوه بعض

أحنا جامدين جداً يا شباب 25 .. فاضل بس نعرّف أسامي بعض عشان نعرف ننده على بعض في الملعب

حد يعرّف يتصرف لي في أتاري قديم ؟ بالدراعات الله يخليه :D

علي قنديل


..

مقالي في مجلة "إحنا" عدد شهر أبريل

أيوّه .. أيام م كنت بتخانق على الفيس بوك !

Sunday, April 10, 2011

لمدة ست دقائق

تخيلّتُ نفسي مُبارك

أستعد لتسجيل صوتي في رسالة سيسمعها العالم كله، وستظهر صورتي التي ملئت عدداً ضخماً من حوائط حكومتي وجهازي الإعلامي بل ويوجد منها نسخة هائلة المساحة في معسكر الجيش حتى الآن

لن أشغل بالي بذلك الرجل الفقير المُبتهج الذي يقف في ميدان التحرير بجوار عربته الخشبية المرُصعّة بأعضاء الجاموس والبقر من مخ وأمعاء وكبد، فهو يظن في نفسه الذكاء عندما يبيع تلك العجائن البروتينية لهؤلاء المخربين والمتسببين في وقف الحال .. لذلك فالأمر برّمته لا يعنيه

وبالطبع لن أفكر في ذلك الشاب ذو العشرين ربيعاً الطائر من الفرحة وهو يقود دراجته البخارية الصينية بسرعة جنونية بعد ابتلاع عدد من حبات دواء ما لمرضى الصرع، يطير منتشياً في ميدان التحرير وسط الأطفال والشباب والنساء وكأن الميدان قد أصبح كوكباً خاوياً إلا من الأسفلت .. وصوت قبيح يحلق خلفه من سماعات صينية تردد كلمات غريبة تدعو لفقدان الوعي

أما هذا الشاب الذي خسر عينه في موقعة أرسلت فيها عدداً من الدواب، لن أفكر فيه فهناك جدول زمني لمواعيد جراحات يشغل كيانه، وحاجة مُلحّة للمال من أجل إتمام هذا الشفاء تنهش كفيه

أما أمهات هؤلاء الشباب الذين سقطوا صرعى أمام نيران رجالي المخلصين، فتباً لهن ولأبنائهن، لقد تسببوا في خنق تحركاتي وهم في نظري لا يساوون حفنتين من التراب .. لهذا لم أقدم لهم عزاءاً .. إنهم أغبياء

تخيلت نفسي مُبارك.. أستعد لإلقاء حديث صوتي

أقف أمام المرآة، أتأكد من سلامة ذلك الطلاء الأسود الذي أخفي به شبحاً غطى رأسي

أتناول وجبة دسمة جاءتني من أوروبا ساخنة

الآن سأوّجه حديثي لهؤلاء اللصوص الذين واتتهم الفرصة كي يقفوا في طريقي، ولكن مهلاً .. من هم ؟

لابد أن أُحدد خطورتهم كي أعلم أين سأوّجه ضربتي

ما هي خطورتهم؟ .. لم تعد لديهم أي خطورة لذلك سأُظهر ورقة من أوراقي التي لم تنفد، لقد استطاع هؤلاء اللصوص أن يهزّوا العالم كله ولم يتمكنوا من إفاقة ذويهم، بعد كل ما حدث في الميدان والشوارع وغضب ورحيل وجمعة وجمل .. رضوا بأن نقيم لهم مسرحية تافهة اسمها الاستفتاء ..

تباً لهؤلاء .. كنت أتوقع أن يتحرك المثقفون في الشوارع بسرعة البرق، يعملون على توعية الناس أن الاستفتاء لا علاقة له بالاستقرار !! ولكنهم لم يبرحوا أماكنهم أمام شاشات النت

لكني كنت أعلم تماماً أن الدنيا التي سافرت بلادها الواسعة هي بالنسبة لنصف من يعيشون في مصر عبارة عن جدارين هائلين من القمح يسمونهما "لقمة العيش"، كنت أعلم أنني سأنجح في المناورة

يريدون إسقاطي .. فلنجعل الإسقاط رحلة قصيرة لشرم الشيخ، فلنجعل التنحي عشرون قصة، أن سليمان خانني، أن الجيش خانني، أنهم جميعاً كانوا يخدعونني وأنني لا أعلم شيئاً عن هذا الظلم، فلهذه القصص ثمار حين أتحدث عن شرفي

تخيلت نفسي مُبارك ..

أتحدث مع من قالوا نعم للاستقرار ولم يفكروا لحظة في احتلال جهاز الإعلام لينشروا للمصريين كلهم أن هناك حياة جديدة على الأبواب.. وأننا أقسمنا على البعث

أتحدث مع هؤلاء الذين لم يطالبوا بشيء في التعليم سوى إلغاءه الفترة القادمة !!!!

أتحدث مع هؤلاء الذين يثقون في جنودي ثقة عمياء خوفاً منهم أيضاً

تخيلت نفسي أضع سبابتي على زر التسجيل كي أبدأ خطابي الذي كتبه أحد رجالي المخلصين لي ولمصلحته

تخيلت نفسي مبارك .. أضغط زر التسجيل وأتبوّل!



Thursday, March 24, 2011

لا تنسى



عندما يقف المرء منا على خط نار
يلتقط بين لحظة ولحظة سقوط شخص بجانبه
بلا هوية أو اهتمامات مُشتركة جمعتكما يوماً
بل إنه قد يكون شديد الاختلاف عنك
شخص يفتقد تفاصيل المعرفة وإنما
علّق على صدره عُقد من علامات استفهام
يوزع منها حبّة بحبّة دون تمهيد
عند نهاية كل سؤال يدور بذهنك حين تراه
ترى هذا الشخص المجهول يسقط بجوارك
ويتكرر هذا
يسقط عن يمينك وشمالك وقد تراه يسقط أمامك
في تلك اللحظة حين تلتقطه عيناك
وهو يسقط برصاصة اقتحمت صدره
أو حجراً سقط من كوكب آخر على رأسه
لن تجد على صدره ذلك العقد الاستفهامي
وستراه شخصاً مألوفاً لعلك تراه كل صباح
وستسمع صوته حتى وإن صمت بدمائه
بداخلك .. سيدور صوت يرتدي مشاعرك
ستراه بملبسك الذي تتجمل به
وعندها ستدري أنه هذا الشخص هو انت
وهم على الجانب الآخر يحتفلون بقتلك انت
ولكن الحجر في يدك يصرخ مثل بوق القيامة
لقد قتلوك ..
عليك بالانتقام
انتقام فريد من نوعه يعطيك الشرف
أنها تلك المعركة المستقلة بتكويناتها
التي تفوز فيها انت .. حتى إن خسرت
حريتك


التي قد تصبح حياتك في سبيلها سيفاً
كما كان عند الشخص
ستنظر له مرة ثانية قبل أن تقذف حجرك
في تلك اللحظة التي أحدثك عنها .. لا تنسى
أن تصرخ صرخة تضاجع فيها الحرية
وأن تنتصر مثل هذا الشخص الراقد بجوارك