Thursday, November 22, 2012

أظافر 3


-3-

"كان جدي أمهر صانعي العطور، وقد علمّني ما يكفي لأن أعلم أنك من الجنوب"، قالها بهدوء قبل يضع فستانها مفروداً على العشب بلطف ثم يبدأ في خلع حذاءه الجلدي الذي لا يبدو فاخراً بقدر ما هو جميل، نظرت إليه بهدوء وانخفضت أكثر في الماء
ابتسم وهو يفك أزرار قميصه ناصحاً إياها بألا تشغل بالاً بالانخفاض في الماء، فالنهر صافٍ تماماً هذا النهار حتى أنه يتمكن من رؤية تلك العلامة فاتحة اللون على فخذها الأيسر، مُراهناً إياها أنها أصيبت بها في تعلّم ركوب الخيل
الجميلة التي ضاجعها عشرات الرجال أو ربما هي من ضاجعتهم، إما على سرير أو وراء باب مخزن قشٍ أو حتى سُلم بيت للغانيات، والتي لم تكترث لصيتها الذي تخطي مقاطعتين .. الآن تذوب خجلاً في النهر أمام هذا الرجل الذي يتابع حديثه وهو يتجرّد من قميصه
يذهب إلى الشجرة ليُحضر من خلفها لوحة بيضاء وكثير من الألوان في حقيبة بيضاء تعاني من عدد مهول من البقع الملوّنة بعشوائية، مع مسند خشبي يضعه في ظل الشجرة
يرسم تحت هذه الشجرة منذ نعومة أظافره، هكذا اخبرها وهو يعطيها ظهره كمحاولة لطمأنتها لترتدي ملابسها دون خجل، ودخل في صمت طويل وهو يرسم ما يُشبه قطاراً بدائياً يتكدس العمال فوقه دون أن يلتفت إليها رغم طول بقاءها في الماء
"أيمكنك أن تدلني على الطريق لمقاطعة (كيونا)؟" قالتها بعد أن ارتدت ملابسها بسرعة البرق التي بدأت تتشرب البلل من جسدها ليطبع تفاصيله على الفستان، ممسكة بشعرها الطويل تحاول إفقاده الماء قدر الإمكان
"لابد وأنه شخص عجوز للغاية الذي أخبرك بوجود كيونا، هي الآن مساحة شاسعة من حقول العنب"، وهو يستدير ليواجهها لتشم عطراً آتياً من السماء، يبتسم .. ويخبرها أن فروع شجرة الكمثرى بقليل من الزيادات تصنع هذا العطر
يُشير ناحية الشَمَال دالاً إياها على وجهتها، إلا انه يطلب منها أن يرسمها قبل أن ترحل .. فتوافق دون تردد
تجلس ناظرة لعينيه البُنيّتان اللتان يخطفان النظرات لها ولجسدها بسرعة مثل آلة كاتبة، وظلت معه حتى أن الشمس طرقعت بأصابعها لتنبيهها أن النهار عادة ما يكون له نهاية ..
يعرض عليها المبيت عنده في بيت العائلة لتنطلق في الصباح، ترفض فيتحجج بأن اللوحة ينقصها نصف ساعة فقط من العمل، توافق ربما من جوعها
خطوات قليلة تجد نفسها امام منزل كبير مليء بالخدم، وأمامه ساحة بها معدات للشواء، يسارع ببدء العمل والطهي
تشعر بأنامله تتحسس شعرها لتوّقظها، لقد نامت على الطاولة الخشبية من فرط التعب، تأكل بشراهة محاولة إخفاء هذا الجوع قبل أن يصحبها لتنام في غرفة الضيوف ..
وفي الصباح .. تستيقظ لتجده في الغرفة يرسمها نائمة ..

Friday, November 16, 2012

أنا وأقرب أصحابي يا رب


يا ربّي ..

بكتب جُملة دلوقتي هيقراها مئات و ألوف.. 
ورغم إن شهادتك على كلامي
مفيش قصادها شهادة كون
إلا إني بقولها:
"
ما بين أعمق ذرة في روحي .. وبينك

مش هيلاقوا فيها وسيط ..
ولا يقدر عليها دخيل ..
ولا بيني وبينك ولا هيبقى ..
إلا الحتة البعيدة جداً جوايّا..

اللي عليها اسمك يا ربّي ..
وتحته بقلم رصاص إسمي

علي..

ماليش غيرك وبشكرك..
على نفسي
على أخويا ..
أبويا وأمي ..  
على الهواية والغواية

على جدتي أم أبويا ..
اللي مكانتش تتمنى
غير هي شجرة من الجنة
ولو كانت بلا أغصان
أو فاكهة!

هفضل أشكرك
على حمايتك لقلبي ..
اللي حّب أفضالك وأسماءك
بيحب كل أفعالك ..

عِشق رسايلك المتتالية 
وبيستنى بعد سخافتي .. علاماتك

مفيش بيني وبينك واحد معتوه
حاطط جنب رجولته اسم الدين
بيعشّمني بالجنة ..
ويخوفني من نارك ..

همَ لو مُناهم الجنة ..
أنا مُنايا أكون جارك ..

خـَلـَقـتـني
بَحبّك يا ربّي ..
منقوُشة البَصمة على قلبي  

ودي لوحدها ..
ولا أحلى ..
ولا أسمى ..

ولا توصلها أي دقون ..
أصل اللي فهمته
وآمنت بيه منك ..
إنها مش دقن !
آمنت
إنها إنسانية .. تآمن لك
بحمدك !

Thursday, November 15, 2012

Hi 5



مش هنسى ..
 
لمّا شوفت المَكَن الصيني بيطلع من محمد محمود غرقان دم وعليه مُصاب بين اتنين شباب (سوّاق ومُساعد) وشوشهم غرقانة دموع وبقايا لونها أبيض من رش المحلول ..
وسوّاق كُل موتوسيكل بيعافر عشان يحافظ على إتزانه عشان المُصاب مش  الموتوسيكل .. والناس واقفة في سكتّه عشان "تتفرج"
ووقفت 7 ساعات بحاول أفضّي الطريق وكل اللي بقوله:
"من فضلك ده ممر إسعاف .. أرجوك ده ممر إسعاف"

وفي عز تحكُمي في أعصابي من برودة الناس اللي كانت جايّة تتفرّج، لكني كنت على وشك الإنفجار فيهم، وأفكار كتير عنيفة أبسطها استسلامي لبركان الغضب المنقوش على كف إيدي المتوّسخة من التراب والغاز والكنس، وأنزل بيها على وشوش الساقعين اللي كانوا بيتمختروا وهم بيعدّوا الشارع الصغير اللي في وش شارع محمد محمود
شوفت لقطة ..
شاب اتعاطف معايا لما لقاني لوحدي، ماسك عصاية وبيهش الناس عشان ترجع لورا، جريت عليه، خطفت العصاية كسرتها، وقلت له بصوتي المبحوح ودموعي اللي تقريباً مكانتش بتنشف مع كل شاب بشوفه مُصاب : "لأ .. كل اللي احنا فيه ده.. والشباب اللي بيموتوا دول .. عشان نكسر العصاية دي"

تقريباً أربع شباب لابسين اللي ع الحبل صقفوا، شتمتهم بالأم وما تيسر من ألفاظ، وقلت لهم طب م تساعدونا نفضّي الطريق عشان المصابين بدل شغل المُعجبات بتاعكوا ده .. مشيوا

رِجعت وقفت مكاني، بحاول أفضّي السكّة والتقاطع اللي قدام هارديز، وبدأت أفقد أعصابي لغاية م بدأت أزعّق في الناس وأزقهم بصدري بطريقة عارف إنها سخيفة، لكنها أهون من العصاية

وكالعادة .. ظهر مخلوق غريب من الأجيال الغريبة اللي فاتت وقال لي:
"إيه يا عم هو انت مصري لوحدك؟ م دول ولادنا واخواتنا"
قلت له :
"لأ طبعاً في مصريين كتير، بس جوّه (مشيراً لمحمد محمود).. بيطلعوا مُصابين وممكن يموتوا في السكّة بسبب عدم إحساسكوا.. إرجع على الرصيف لو سمحت لو فعلا مصري انت كمان وخايف عليهم .. ولا هو كلام وخلاص؟"

سمعت أصوات عالية من بعيد .. وفرحة .. وتصقيف .. وناس بتصفـّر
عرفت إن الضرب وقف ..

وقفت مسهّم كدة بشوف قدامي كل اللقطات اللي كان فيها موتوسيكل عليه سوّاق ومُصاب ومُساعد
فضلت واقف كتير سرحان وعينيّ ناحية شارع محمد محمود
ولما انتبهت
لقيت كل المكن الصيني - اللي قبل الثورة كنت بتريّق عليه- خارجين ورا بعض في صف طويل حوالي 10 موتوسيكلات من غير مُصابين من فضل ربنا
وأول مكنة صيني عليها شاب مليان شوية رفع إيده في الهوا وهو بيبص لي في عينيّ جداً من بعيد .. شاور عليّ ورفع كف إيده وقرّب مني وهو ماشي

وعلى طريقة الهاي فايف Hi 5
كل اتنين راكبين على مكنة صيني سلّموا عليّ من غير وقوف ..
كل سلام وكل كف كان بيلمس كفي بسرعة جداً وحرفياً "على الطاير"

كان بالنسبة لي حضن طويل جداً كُلّه وّد

يمكن واحد منهم يقرا البوست ده ويعرف ..
إن الشاب اللي كان واقف برّة عشانهم .. لسّة جاهز والمرّة دي مش لوحده :) 

Monday, November 12, 2012

أظافر 2




"أظافر"
مشروع لا أعلم هوّيته الحقيقية ولكنه من حلقات 





-2-

كان كل هذا كفيل بأن يجعل الجميلة تجمع أغراضها لتنطلق إلى حيث هذا الرجل، ربما قابلت أحداً من نسله أو من صلبه .. فهي لن تنسَ كيف كانت العجوز تتحسس جسدها وهي تتذكر هذا الرجل قبل أن تخبرها أنه يوماً ستقابل رجلاً يُشعرها بأنها نهراً من التفاصيل !
خرجت الجميلة في اتجاه تلك المقاطعة، سلكت طريقاً طويلاً مُعبّداً بجوار النهر تنظر إليه في محاولة افتراضية لأن تعرف من هو ذلك الرجل الذي بين يديه ستشعر أنها نهراً؟
"لم أسمع بتلك المقاطعة من قبل"، سمعت ذلك الرد كثيراً عندما تمكنت عدّة مرات من إيقاف عربة تجرّها الخيول وعن طريقها تسأل، إلا أنها ظلّت كما أخبرتها العجوز على الطريق نحو الشـَمَال، حتى أن أحد الحطابين نَصحَها بالتخلّي عن تلك الفكرة لإنه يعلم القارة أكثر مما يعلم ملامحه ولا وجود لتلك المقاطعة ولكنها لم تكترث!
أوشكت التفاحات الثلاث الباقيات في حقيبتها الصفراء على أن يعطبن، لاحظت هذا مع قضمة جوع وهي جالسة على ضفة النهر ترتاح تحت ظل إحدى الشجيرات التي لم تعرف نوعها بعد طول نظر
رائحة النهر مثل يد تدعوها إلى الرقص، لم تقاوم، تجرّدت من ملابسها وألقت بنفسها تستحم في ذلك النهر البارد الذي انتشل عقلها لساعةٍ منها وجعله يرتاح في محاولة رسم ملامح هذا الرجل أو تخيّل ما هي المتعة التي تجعل العجوز تنبض حتى الآن بحُبه !
كانت تتمايل في الماء مثل فكرة عبقرية، تهدأ حيناً وتترك كتفيها المبللتين يلمعان تحت أشعة الشمس، لتعود تحت سطح الماء مرّة ثانية مستمتعة بترطيب النهر لجسدها .. حتى رأته يقف بجانب ملابسها ويميل ليُمسك فستانها ويضعه أمام أنفه ويَشُمُه ..
قميصه الأبيض وقبعته بنيّة اللون، وبنطاله الغريب في لونه إلا أن له انطباع هادئ وعضلات ساعده وهو يعبث بفستانها، كانت أسباب كافية تجعلها تسكن تحت سطح الماء ولا تظهر إلا رقبتها وهي تسأله بصوت يبدو عليه القلق عما يُريد ! 


أظافر3 http://aliquandil.blogspot.com/2012/11/3.html

أظافر 1


"أظافر"
مشروع لا أعلم هوّيته الحقيقية ولكنه من حلقات 

..


-1-
يُحكى أنه في مقاطعة ما بإحدى دول أمريكا اللاتينية، كانت هناك شابة استحوذ جمالها على طموح كل شباب البلدة، والتي كان زواجها على أحد أغنياء المقاطعة بفرضٍ حاسم من أبيها سبباً في ذبول كل تلك الطموحات
إلا أن النبض قد عاد لذلك الطموح سريعاً بعد أن مات زوجها في مشاجرة بإحدى الحانات عندما سَكِرَ وخَسِرَ مبلغاً لا بأس به، فأصبحت الجميلة أصغر أرملة في القارة وأجملهّن
يبدو أنها كانت تجهل مدى سحرها، فقد يعتاد المرء على وجود من هي مهوُسة بوجود رجل في فراشها كل يوم، لكن ما لم يعتده الرجال أن تكون تلك الجائزة هي التي من تسعى إليه دون أن يخط خطوة واحدة!
مرّت الجميلة على كل رجال القرية طلباً للمتعة، وكان لسانها مثل جلاد حبشي في عقابه لمن لا يقوى على إمتاعها، فقد كانت تقف كل ليلة أمام منزل أحدهم لتصرخ ناصحة إياه أن يكتفي بالنظر إلى الفراشات دون أن يجرؤ على التفكير في تقبيل إمرأة ..
لم تترك أملاً في رجلٍ إلا وكانت تلهث وراء هذا الأمل، أزرق العينين والكفيف، ذو الذقن المُدببة، النحيف والسمين، حتى عامل الاسطبل الأعرج ذو الأربعين عاماً
فقدت الأمل في أن تجد مُتعة بين أحضان رجلٍ .. فكلهم سواء، يتبارون في إلتهامها مثل قطعة من اللحم المُقدد، هناك شيء ينقص تلك اللحظة ..وذاك الرجل ..وينقصها!
هناك شيء بالفعل ينقص هذا الاحتكاك والارتطام والتفاعل، شيئاً جميلاً وربما هو أساس كل التفاصيل التي تبدو كما لو كـُتبت بقلم رصاص رخيص!
رحلت بعد أن أطلقت رُمحاً فولاذياً في كرامة وذاكرة كل رجل بالمقاطعة، رُمحاً يجري بسرعة الضوء ليخترق ما بين فخذي الرجل مروراً بالآخر !
..
كانت إمرأة عجوز لها عينتان شابتان، صديقة سحيقة لجدتها الراحلة، لم تكن لتهتم إلا بعّد بيض دواجنها، كانت تلك العجوز وكوخها هم الأمل الوحيد للجميلة أن تذهب إليه وتختفي عن أنظار كل الرجال..
بكوب من الشاي خفيف السُكّر وبعض المعجنات بما وُّجد من القشدة البيضاء، استمعت العجوز لقصة الجميلة، ولم تفارق تلك الامتعاضة شفتيها المتشققتين من ركض السنوات عليها ..
حتى انتهت الجميلة من كلماتها المُنهكة، لتجد العجوز تتنهد وتبتسم، تسند رأسها على كرسيها الهزاز وتقطف وردة من سور الشرفة المُطلّة على حديقتها البسيطة وتطلق آهة حنين عارمة بالأنوثة: آآه .. كان بالفعل رجلاً !
             
رغم إحساس الجميلة بالضيق أن ألمها لم يلفت انتباه العجوز إلا أن فضولها لتعرف من هو هذا الرجل كان قد جذبها من عنقها لتقترب منها وتسألها عنه، بدأت العجوز كلماتها وكانت ملامحها تزداد نضارة كأنها تعود شهراً من عُمرها للوراء مع كل حرف، حتى أن صوتها كان يتمايل مع الحروف مثل راقصة وحيدة على ضفة نهر تحت بدرٍ يشتهيها ! 

Saturday, March 17, 2012

يللا نقلع بوكسراتنا

وأنا بكتب المقال ده، مش عارف أتكلم عن إيه ولا إيه، قلت ادخل اليوتيوب الأول أسمع حاجة –مش محددها- وكويس إنه كان يوتيوب لإني فوجئت بحاجة في أول صفحة منه !
فيديو ..
1 week ago
يعني لا مؤاخذة لسة مرفوع من اسبوع واحد !!!
وعامل عدد مرات مشاهدة 608.872 !!
والفيديو مش عن مجلس الشعب أو الداخلية او المجلس العسكري أو حتى عنّي!

"مروى في الحمام فيلم أحاسيس"
فضلت محتار شويّة، أتفرج أنا كمان ولا أتقل ولا مالوش لازمة؟ مش هحوّر .. كان في كوباية أسباب ومبرارات تخليني أفتح أم الفيديو ده، أولها إن في مؤسسة جوايّا مكتوب عليها "ذكر شرقي"، ودي بحاول أفلّسها قدر الإمكان، وفي أسباب كتير تانية زي الفضول وال.. وال.. إيه؟ مش عارف بس هما ساعتها كانوا باينين كتير يعني !

وأنا بكتب الكلام ده جت لي فكرة، هو أنت بتحب مروى أصلاً؟ يعني لا مؤاخذة بتحرّك مشاعرك أو غرايزك؟ أنا بحس إن الولية دي مشروع تخرج بتاع حد في تربية نوعية في جامعة من بتوع الأقاليم وخد فيها مقبول! مش متظبطة!
يعني لو حد جاب وشها أو صدرها بكازلاك هنلاقي فوم واحتمال نلاقي عتة!
معرفش الكلام ده يوّديني السجن ولا هلاقيها بتتصل تقولي : لا والله أبداً حتى تعالى شوف!

بغض النظر عن رد فعلي ساعتها، دلوقتي عارف إن في حد "أكيد" هيقولي: حرام عليك يا عم دي مروى! وهيعوج راسه شمال كدة .. أحب أقوله الأنوثة مبيبقاش عليها عرض!
ولإن ذوقنا اختلف وبقى سطحي ونيلة، بقت النسوان بتشتغلنا بشوية سوايل مُركزة ونسينا إن الأنوثة أداء ودفا .. مش هرمونات متكلّفة !

في أكتر من نص مليون شاب وشابة - واحتمال دواجن كمان- دخلوا شافوا الفيديو ده في أقل من اسبوع، في عز الكلام عن الإنتاج وعجلة الإنتاج..

ماشي .. هم أحرار، بس معلش سؤال يعني، هو إيه الإنتاج؟ إحنا بننتج إيه؟ يا جدعان إحنا لو فكّرنا نشجّع المنتج المصري مش هنلاقي حد يبقى في الأولتراس بتاعه!

لو –فرضاً- قررنا نرمي المنتجات الصيني وننتبه للإنتاج بتاعنا، هنرمي بوكسراتنا!

أقسم بالله البلد خربانة عشان كدة قامت ثورة – أو هكذا بدا للنظارين- المشكلة فعلاً مشكلة ناس مش بس نظام، طب النظام ابن جزمة ومازال قائم لإن كل اللي فيه لسّة موجودين، الناس بقى .. إيه ؟

ده لإن مفيش ثورة في الدنيا من غير جهاز إعلام! محدش من الشباب اللي قاموا بالثورة اقتحم ماسبيرو ووّجه رسالة للشعب وكلمهم إن في عصر جديد بدأ

وكلمهم باللغة اللي يفهموها، إن وجع ساعة ولا كل ساعة، وضربة مرزبة ولا ألف بالشاكوش، ولازم نقف جنب بعض دلوقتي ونعدّي بالبلد وننتج فعلاً!

كل ده كان هيوّفر علينا رغي كتير وكدب كتير ونصب كتير وشذوذ سياسي كتير، عشان كدة معنديش أزمة إن السلفيين والإخوان يبقوا هما أول خطوة، الشعب فعلاً اختار –بغض النظر عن أسباب اختياره- وبالتالي دي أول خطوة يخطوها الشعب فعلاً، فـ طبيعي جداً إنه يتكفي على وشه أو يتشحكل في لباسه!

مصلحة .. الإخوان والسلفيين في عرض واحد، ورغم سفالة خطوات الشعب في إنه يحقق الإقبال العظيم على فيلم شارع الهرم وفيديوهات توفيق نيلة ومروى في الحمام أو ع السلم مش هتفرق .. إلا إن دي رسالة من الشعب ليّ – ع الأقل- إنهم مش بتوع إخوان وسلفيين .. دول بتوع سندوتشات !

الرسالة وصلت .. والسندوتشات ... في الطريق!


...
نشر في مجلة احنا عدد شهر مارس 2012

Saturday, February 4, 2012

جدي العزيز

جدي العزيز

سأدخل في الموضوع مباشرة، فاليوم أنا عاجز عن النوم بعد كارثة في نفس ذكرى موقعة الجمل!

نعم.. فالبارحة قام الخوّنة بتنظيم كمين لأصدقائنا الألتراس، وانت تعلم تماماً من هم الألتراس في الثورة المصريّة، كان أول رقم سمعته في الشهداء واخد وخمسين شهيد ولم يكن الحصر قد انتهى بعد!

حاولت أن أتناسى وربما نجحت في التشويش على مشاعري خاصة بعد أن انهرت لعدّة لحظات وهناك من رآني ابكي من غير اصدقائي وهذا يؤلم!

عدت إلى البيت لأجدني أمام نفسي فانهمرت

جدي، مشكلة الثوار في مصر -وبحق- أنهم يجيدون (وبحق) قراءة الكف .. والارتجال

لأننا جيل تعلّم بلُغة الأمر والنهي، ولم نتعلّم كيفية إيجاد الحلول، وإنما جيل تشرّب من أجيال سبقته .. أن يتحرك جنب الحائط فيما هو متاح .. وإن قصر !
أجيال تقتل الطموح في كل فرصة يتسنى له أن يُخلق!

ولهذا سئمنا قولهم : الجيش بيقولّك اتصرّف

في مصر،إذا حسبت عدد النسمات التي تكرر هذه العبارة البغيضة أو -على الأقل- يُفكرون بها، ستعلّم يا جدي أنهم كُثر .. كُثر، ولهذا أعلم جيداً أن الطريق طويل

لماذا؟ لإننا نصارع بأرواحنا وأجسادنا وعيوننا ودمائنا دون أي تفكير .. هرماً أكبر من أهراماتنا المعروفة، هرماً خفياً.. هائلاً .. قاتماً .. قميئاً .. بلا هيكل هندسي .. له نظرة اللا مبالاة .. تافه الابتسامة التي يشوبها الشر!
أتدري، أظن أن الفراعنة كانوا من العظمة حتى أنهم تركوا موّلدات لجيناتهم على أرضهم، وأخمن أنهم أضافوا إليها خاصية العمل بشكل تلقائي، وأظن أن هذه المولدات هي ما نسميه بالإهرامات، نعم .. فالمصريّة هرمون وليست جنسيّة تتقلدها من جنس حولك، أما هؤلاء البشر الموجودين الآن لا يفكر الواحد منهم إلا في نفسه فقط !

نعود لنقطة الإهرامات، سأثبت لك صحة كلامي، وسأعتمد على نفس البشر في إثباته، هل تعلم يا جدي أن معظم البشر هؤلاء، لا يجدون الإهرامات مُبهرة ؟!

المصريون فقط .. هم من يجدون إبهاراً عظيماً حتى عندما يتكلمون أو يفكرون في الإهرامات كما أجد الآن!

ولماذا الجدل؟ ألست أراسلك الآن بعد مرور سنوات طوال على وفاتك؟ ولماذا أفعل؟ لافتخاري بأني حفيدك .. أنني حفيد رجلٍ مصري لم يؤلمه شيء إلا اختفاء المصريين من حوله!

بالمناسبة أفتقدك، سأفعل شيء إن حدث لا قدر الله وتزوّجت (ولا تنظر تلك النظرة فأنا لن أتزوّج قريباً)، وعندما أرزق بفتيات، سأعلمهن النشاط، فقد سئمت الكسل، إنهم كسولين جداً بالخارج يا جدي!

أنا أدري كيف زوّجت بناتك، وكيف كنت أبّا لأزواجهن، أتتخيّل أن الأباء الآن قد أعطوا بناتهن فيروساً للكسل؟ ليس لديهن رغبة في تكوين عش، قشة قشة ويد بيد، بل يريدون عشاً جاهزاً بالكهرباء والتكنولوجياً، وربما تدعي الواحدة منهن أنها تريد أن تبني عشاً حقيقيا وخطوة خطوة، إلا أنها توافق على العش التكنولوجي فور اقتراحه! وغفلوا أنهم يحوّلون بناتهن إلى سلعة .. عبث!

نعود لملحوظتي التي أبعث بها الليلة إليك .. نحن نصارع بأرواحنا وأجسادنا وعيوننا ودمائنا دون أي تفكير .. هرماً أكبر من أهراماتنا المعروفة

المشكلة أننا نفعل ذلك فعلاً .. دون تفكير

لإننا لو كنا فكرنا للحظة في أن نفكر .. لكنا توصلنا إلى أن الثورة الحقيقية هي ثورة الناس، وأن الإعلام كان لابد وأن يكون أولى خطواتنا، وإلا ما كان ظهر لنا على أنوفنا وألسنتنا ما "تعّكّش" من الحشرات وما سبايدر !

بل كنا في أقل من دقيقة ونصف .. قادرين على قول ما قل ودل مثل لهجات الرؤساء، بلغة حقيقية ودارجة فعلاً وكلمات مازال بها رائحة الشارع، نقول كلاماً مصريّاً تماماً .. ينتشر مثل انتشار هرمونات الإهرامات ليوقظ أرواح كل المصريين!

يوماً ما سنتعلم، وسنجيدها أعدك بذلك، وأؤمن أن كل المصريين الحقيقيين سيشمّوا رائحة هذه الرسالة ويشاركوني الوعد، فهم شباب أقسموا لأنفسهم في أرق درجات الصدق على النصر، فلن يمانعوا أن يعدوا رجلاً مصريّا مثلك!

أتعلم .. هذا النظام اللعين .. حرمنا من التفكير طوال عقود، أو حتى التفكير في أن نفكر، إذن .. لابد وأن يتمكن الثوار من التعليم!
سأفكر أكثر، وأراسلك أكثر!
أعلم أنك في الجنة، لهذا ضع علامة على أول شجرة تفاح قضمت منها، لأنها أول ما سأفعله عندما أذهب إلى الجنة بعد أن أرى الله

آتاك اليوم شهداء استشهدوا في النور، سيطلبون رؤية من سبقوهم استشهدوا في الظلام .. أرسل لهم تحيّاتي
عندما أدخل الجنة، سأسأل الله أن أرفع علم مصر في الجنة

إن لم يكن علم بلادي يرفرف في الجنة

سنتقابل

حفيدك

علي

إلى جدي المناضل الكبير / محمد متولي عوض

أفتقدك فوق ما تستطيع كلماتي أن تتراص لترسم لك ذلك الحضن الذي أتمنى كل لحظة أن تعطيني إياه في ميدان التحرير

أفتقد حكمتك ورجولتك ورقتك، وأفتقد صمتك وبلاغة نظراتك، أفتقد صوتك الحنون الذي لطالما نشر الدف في أجواء بيت العائلة، أفتقد كل النتائج التي أثبت الزمن من خلالها أنك كنت دائماً على حق

أفتقد نظرتك السارحة عندما تجلس أمام اللوحة التي رسمها لك صديقك الرسام في ظلمات المعتقل القاسي، وأفتقد ابتسامتك عندما تراني صغيراً أجلس في ركن من المنزل اتابعك في خجل

أفتقد رباط حذائك عندما كنت أتربص بباب المنزل منتظر قدومك كي أفكه بأناملي الصغيرة، قبل أن أغسلها جيداً وأتجه مباشرة للمطبخ كي أعود بكوب من الماء البارد لأجدك تجلس على ذلك الكرسي الذي رغم تشابهه مع كرسياً آخر إلا أنه في نظر كل العائلة : عرش !
جدي، أحد الأعمدة الرخامية القوية التي كانت ستحمل على أكتافها كثير من تفاصيل الثورة بلا أي تعب

أعترف أنني لا أتمالك أعصابي حين أرى هؤلاء السلبيين الذين لا يجدون ألماً في تناول الآيس كريم ودخول السينما بعد مشاهدة الجيش يلقي بجثث أخواننا في مقالب القمامة، أعترف أنني أصبحت أحتقر الكثيرين، أعترف أنني أبذل مجهوداً خرافياً في منع كفي من صفع الملايين بلا رحمة .. ربما إن كنت موجوداً الآن يا جدي لكنت عالجت كل هذا بأقل من خمس كلمات

جدي .. لن أطيل عليك

ولكني أحببت أن ألقي عليك سلاماً ملفوفاً بعلم مصر، هذا الوطن الذي لم تبخل عليه

سلاماً بطعم الحرية المنتظرة، التي سبقتني إليها بعقود من الزمن

سلاماً نقياً مثل قلبك الذي اتسع لمئات البشر والأفكار

أدعو إليك يا جدي بما لا يدعو به البشر عادة .. أدعو إليك أن تظل معي في ميدان التحرير .. رغم مرور السنين على رحيلك

لقد علمتني الكثير .. ورغم أني لست بتلميذ نجيب .. إلا أنني على الأقل أحفظ كل التفاصيل وأتعلمها كلٌ على حدة

رحمك الله يا جدي

سلاماً خاصاً من بناتِك المقرّبات وعلى رأسهن .. أمي


حفيدك
علوة

نُشرت في مجلة احنا عدد نوفمبر