Friday, November 18, 2011

لهيب فسفوري


سوياً رأيتهما، يتهامسان رغم وجودهم بمفردهما على ذلك الشاطئ الواسع، رأيتها تقترب تدريجياً منه كلما ضحكت، أو كلما نظر في البحر وشرد ولو للحظة

كان عاري الصدر ممداً على أريكة بيضاء بلاستيكية لا يوجد غيرها على الشاطئ، سرواله القصير المموّه مثل الجنود ونظارته الشمسية ذات العلامة الفضية يدلان على ثبات وهدوء تنكره حركة أنامله المتوترة نوعاً ما على كأس النبيذ الأحمر

أسند رأسه على كفه حتى أتت هي تحمل طبقاً به شرائح البرتقال والتفاح الأخضر، ترتدي نظارة سوداء تنافس نظارته غموضاً، وقميص أبيض يبدو أنه قميصه هو، وقد فكت أزراره في طريقة مثيرة لا تضاهي تلك الإثارة النابعة من حركتها بذلك الشورت الأحمر، حتى أن حبات الرمل كانت تتسابق لتتعلق بكعبيها الحافيين لتقبّلهما قبل أن تسقط في الخطوة التالية

جلست إلى جواره وقبلّته، وما أن أفلت يده كي يلمس ظهرها المفرود حتى أنهت القبلة سريعاً وتناولت شريحة برتقال بأناملها العذبة، وأخذتها بين شفتيها بطريقة يبدو أنها تعجبه، واقتربت منه بهدوء كي تطعمه البرتقال من شفتيها، كانت مثل ملكة قوية تنسحب من مقاليد الحكم تدريجياً لتـُمَتِـع مَلِكَهَا الجالس يحتسي النبيذ ويأكل من شفتيها

قبل الشريحة الأخيرة، كانت شفتيه قد غرقت بعصير البرتقال وروح النبيذ الأحمر، نظر إليها من خلف نظارته السوداء فاقتربت بلهفة الأطفال، وأخذت تجفف بلسانها شفتيه، اعتدل في جلسته واستند على ظهر تلك الكنبة، وأخذ يتذوق معها تلك النكهة البرتقالية، حتى وضعت كفيها على كتفيه وأبعدته عنها برفق، استلقت على ظهرها بجواره وفردت ساقيها الناعمتين أمامها، ساقيها تزداد جمالاً وإثارة كل لحظة، كما لو أن الحياة لن تأت بسيقان جميلة بعد هاتين

اعتدل بدوره وأمسك كاحلها الأيسر يتحسس خلخالها الفضي بأصابعه، كتمت ضحكتها وأحست برعشة خفيفة في أوصالها، أخذ ينقي حبات الرمل من قدميها بهدوء قبل أن يقبّل ركبتيها وهو يضغط على ساقها بشكل ينم عن شراسة محتبسة داخله

تعتدل في جلستها وتفرد ظهرها كي تصبح جالسة وساقيها مفرودتين أحداهما في يده، ثم تمسكه من ذراعه بأقصى ما تستطيع من قوة، يبتسم لها ويضع كفه حول خصرها ويقرّبها منه أكثر، يبدو أنها تحاول مقاومته ولكنها أضعف من ذلك، همس لها بشيء في أذنها فضحكت، عضها من رقبتها عضة خفيفة وهو يضحك أيضاً، تضربه بيدها على ذراعه فيقبلّها قبلة سريعة وعنيفة ويعود بها مستلقية مرة ثانية على ظهرها

يستلقي بجوارها ويستند على مرفقه بجوار رأسها، وبيده الأخرى يتناول شرائح التفاح، وبين أسنانه يطعمها وهي ترقد بجواره وكأنه ظلّها، تسند كفها على فخذه، تستشعر شيء ما فتقرصه، يبدو أن حرارة هذا الرجل قد ارتفعت كثيراً !

يخلع نظارته وقبل أن يضعها بجوارها يتناول نظارتها هي الأخرى، يلقيهما بلا اكتراث على الرمل، تشيح بوجهها كي تراه النظارتين، فينقض على رقبتها بقبلة تستخلص رحيق صوتها بين شفتيه، تحاول التملص إلا أن ذراعيه يمسكان بها برغبة برية، تأخذ محاولاتها في الخفوت مع انقضاض شفتيه على شفتيها بمنتهى الشوق وكفه تمسك ذراعها بقوة

يبدو أنه شَعَرَ باندماجها، لقد أفلت ذراعيها تدريجياً، وها هي ذراعيها تلتف حول رقبته في لهفة اختبأت خلف محاولات الرفض، وأناملها تتحسس رأسه في فضول أنثوي بها قدر من الاستمتاع، تتحرك يده نحو صدرها لتفك باقي أزرار هذا القميص الواسع، حركات ساقيها المتداخلة توحي بنشوة تحتل جسدها غير الثابت، وحركة أصابعها على كتفيه ورقبته تفضح رغبتها الجامحة فيه

هو بدوره يبدو أنه سيأكلها بتلذذ، يخلع ذلك القميص الأبيض عنها في نفاذ صبر، يقذفه كما لو أنه لا يريد أن يراه مرة ثانية، ينظر لجسدها العاري في عطش يرضي شيئاً بداخلها، ينهال عليها بقبلات جائعة تلتهم بشرتها النقية، يحملها بين ذراعيه ويجلس على الأريكة وقدميه على الرمل، ويمسكها من خصرها ويجعلها مواجهة له ويعانقها عناقاً أبوياً خالصاً، تلتف ساقيها حول خصره في انتماء متناهي، وتمسك خديه بين كفيها وتنظر له في اطمئنان، يتجول بأنامله على شعرها وظهرها الجذاب، يحتضنها فتغمض عيناها وتبتسم ..

ثم فقدا السيطرة في نشوة غلفتها آهات لم يسمع بها إله البحر من قبل.


Thursday, November 10, 2011

آخـر يـوم فـي عُـمـرَك

الحياة والموت، عندما تنقسم اللعنة نصفين، نصف الممارسة ونصف الانتظار

نصف الممارسة بما فيها من إعياء واستهلاك .. وازدهار واقتدار

نصف الانتظار بما فيه من أفكار، وعدم وجود ساعة ولهذا لن تنظر في الساعة!

عادي هتكلم بالعاميّة المصرية، في مرّة ألـّفت حدوتة خلاصتها إن الورود زيّنا، في منهم ضحايا وفيهم شهداء، الضحايا هم كل وردة اتقطفت من واحد وراحت من إيده لبنت مش بيحبها بجد، واستخدم الوردة كوسيلة عشان يضحك عليها - أول على نفسه- وبالتالي الوردة ضحية لكذبة أو خيانة

والوردة الشهيدة، هي الوردة اللي اتقطفت مش بالإيد لكن بالمشاعر، بالود، والعشق، واحد بيحب أوي، وصوابعه حضنت عود الوردة لإنه شاف فيها عود حبيبته، الشكل إنها بتتقطف لكنها في حقيقة الأمر هتعيش كتير جوه روح حبيبته

تخيّل كل ده خلاصة الحدوتة!

فاضل نقطة من الحدوتة، إن لما نموت .. كل وردة هتشهد على اللي قطف، واللي حَضَن .. الله يرحمك يا خالد سعيد .. الله يرحمك يا مينا دانيال!

افتكرت الحدوتة اللي كتبتها وأنا صغيّر دي لما شوفت أول 10 ثواني من فيديو نهاية القذافي، وفعلاً رغم إني شوفت ألعن من ده في التحرير، ويمكن تواجدت في لحظات بريّة قريبة من دي، لكن مقدرتش أكمّل الفيديو

القذافي مات كدة؟

كنت دايماً بقول إن القذافي نهايته هتكون جبانة، وكنت بتوّقع أسمع خبر انتحاره خلال أيام في كل مرّة أسمع عن سقوط مدينة في أيد الثوار، كنت بتخيّل القذافي ماسك مُسدّس دهبي وفيه جوهرة مووف مش بتلمع أوي، والقذافي عيونه لأول مرّة تكون واضحة !

منفوخة ومِحمّرة بعد عياط كتير أوي، أيوه القذافي ده أكيد هيعيّط، كنت بقول إنه جبان ومش هيقدر يواجه، هيستخبى فترة ممكن، وهيعيّط كتير، لكن واضح إنه كان أجبن من إنه يقتل نفسه ! مش عارف ..

بحاول أتخيّل آخر يوم في حياته، آخر نهار .. آخر وشوش شافها مشافهاش قبل كدة، نظرته كانت لناس مش عارفهم، اه كان خايف ومتوتر ومترنح ومتألم لكن كان غريب، مش عارف مكانش ليبي؟ ولا مكانوش ليبيين؟ ولا هُم الليبيين كدة!

هل في اللحظة اللي كان كل واحد بيحاول يلقط بسكينته أي غرزتين في جسم القذافي - وده أكيد تاريخياً على الأقل بين قرايبه ونسايبه هيعيش كتير وهيتحكي في كل عزا أو قراية فاتحة أو فطار في رمضان- كان جزء من انتقامهم بسبب الكلام الاهبل اللي كان بيطلع يقوله؟

حد منهم زنقه –مثلاً- وقال دي عشان من أنتم .. ودي عشان جرذان .. ودي عشان التوك توك .. ودي عشان الفيديو اللي عمله فلان من مصر عليك وقصّرت رقبتنا .. ودي عشان المقال اللي كتبه فلان .. ودي عشان الكاريكاتير .. ودي الأنيميشن .. ودي الفيديو ودي الرواية ودي الإعلان ودي النكتة ودي .. برضة مش عارف!

سألت نفسي كتير مرسيتش يوم على بر .. هو اللي فيّ الخير ولا اللي فيّ شر

آخر يوم في عمرك .. هيبقى عامل ازاي؟

واكتشفت إن فعلاً الواحد محتاج يعيش كل يوم في حياته كإنه آخر يوم في عمره..

العُمر شيء يستحق الإيمان به !




من واقع تراك : Mirage .. لصديقي الذي لم نتقابل بعدArmin Van Buuren

http://www.youtube.com/watch?v=mfJC34tOZms


نُشر في مجلة "احنا" عدد شهر نوفمبر