Friday, July 29, 2011

شكراً أيها النادل

شكراً أيها النادل
أنا لا أريد سوى مساحةٍ من الهدوء،
نصف قطرها ثلاثة أضعافِ الكون
وسقفها لن يُرَى بأي عين
بورقِ حائطٍ من الموسيقى المُختارة بلا ترتيب،
إضاءته لآلئ قاع المُحيط
وطاولة ذات كرسي خشبي واحد
ولا بشر ..
علّني .. أجدُني
في لقاءٍ أعلمُ أنه ليسَ على انفراد
رغم كل هذا العدم
بالمناسبة .. كم سيكلفُي ذلك؟


Wednesday, July 13, 2011

كلمة السر .. أعز أصحابي

أعتقد إنك عارف/ عارفة رسايل البحر، رسالة بتتكتب لشخص غير معروف أي حاجة عن تفاصيله، رسالة ممكن تكون فضفضة، شهادة حق, اعتراف أو حتى سب وقذف
الرسالة دي سريّتها بتعتمد على حاجة واحدة بس, إنها تتكتب صح, ويتقفل عليها إزازة واحدة صح, وتترمي في مكان صح من أي بحر, وبتكون رسالة من غير أي رد، لكن مشكلة رسالة البحر في حاجة واحدة, إنك متقدرش تتحكم في شخصية أو نوعية أو جنسية أو لون أو اسم اللي هيستلم الرسالة, يمكن الحاجة الوحيدة المُشتركة بينكوا هي إنكوا بتحبوا البحر انتوا الاتنين
في مرة جرّبت أعمل رسالة بحر، جبت ورقة وقلم وكتبت كلام كبير أوي على سني ساعتها, بأمانة يعني .. كان عندنا مُدّرسة (أبلة / ميس / حسب علامك) بتدينا رسم وكانت جامدة أوي, جامدة بفاتورة يعني, وكل الصبيان في المدرسة حاطينها في دماغهم ومن ضمنهم انا طبعاً, قالت في حصة كدة إنها هتروح المصيف كمان أسبوعين وبالحظ لقيتنا رايحين في البيت عندنا, فكتبت لها مشاعري وأحلامي قليلة الحيا في رسالة بحر, عشان لما تروح المصيف وفي الروقان كده بعد تنضيف الشاليه ورص المعلبات وتطلع البحر وتنزل الميّة تلاقي الإزازة, أصلاً مجرد التفكير فيها وهي نازلة الميّة لوحده يقلق منام العازب!

ولقيت إزازة لكن معرفتش أقفلها كويس، ولما حطيتها في المية قدامي شوية المية دخلت الإزازة وغرّقت الورقة اللي هي الرسالة .. وبصراحة مجرّبتش ده تاني
دلوقتي بكتب رسالة بحر الأولى من نوعها, رسالة مكتوبة عادي, ومقفول عليها كويس جوه إزازة, لكن هتكون أول رسالة بحر ليها كلمة سر.. وقبل م تزاول حياتك .. كلمة السر دي مش موجودة غير عند شخص واحد بس في الحياة هو إسلام الشافعي .. أعّز اصحابي

لكن .. انت تقدر تاخد الرسالة دي لنفسك, وترتبها من تاني, بعد م تقراها تشغّل مزيكا .. وتقراها تاني وانت بتترجم كل جملة لموقف حصل بينك وبين أعز اصحابك, ولمتعة أكبر, اقراها كمان مرة .. وانت حاطط نفسك مكانه .. يمكن تلاقي بين السطور صاحبك بيهمس في ودنك : وحشتني !

الرسالة عبارة عن ورقة واحدة

في النص فوق مكتوب .. علاقة زوجية

سطرين فاضيين

أول السطر التالت :

زوجان, يستطيعان فهم بعضهما الآخر بقليل من الكلمات وفي أحيان كثيرة بدونها, يتمكنان سويّا من تنظيم حياة قد تبدو مشتركة وقد لا تبدو كذلك, يتبادلان أسرارهما كما لو كانت ولاعة سجائر عليها نحت فرعوني يحبانه

زوجان لكل واحد منهما حياة ماضية, وأحباب وأصدقاء وجيران, إلا أنهما يتشاركان معظم هذه التفاصيل, وهم زوجان لا يعيشان في نفس الشارع أو البيت أو الغرفة, وإنما يعيشان في نفس المجرة الفلكية التي لا تسع سواهما فقط

قبل أن يتلاقيا، كل فرد منهما كان قد فقد أقرب البشر لقلبه, ويبدو أن هذا الفقدان قد تم في وقت لا يعرف الرحمة’ وبشكل لا يعرف العطف, يبدو أن أحدهما فقد الثقة في العالم حتى وجد صدقاً والآخر فقد الصدق حتى وجد نفسه في حضن لا يكذب

في الوقت الذي يشهد ممارساتهما لنفس الأفعال, يشهد أيضاً اختلافهما الجذري, فواحد منهما يبدو عليه جنون لا يُقاس إلا بمقياس ريختر, والثاني يتملكه هدوء أعصاب وثبات يعكس عن تريّث عتيق, إلا أن الاثنان يتشاركان فلسفة وحكمة في مواقفهما العصيبة

زوجان, يتشاركان ويتبلوران في كرة سحرية تعدو بين فترات الزمن, اثنان شهدا رحيل أحبابهما المشتركين واحدا تلو الآخر، إما لقارة آخرى أو لحالة أبعد، وبقيا متشبثان ببعضهما البعض كي لا يقابل أحدهما وِحدة لن يطيقها

التزاوج والتمازج والرجولة .. ألوان علم دولتهما المُستقلة الذي يرفرف في نظراتهما عند لقاء بعد غياب شهر مر كأنه سنوات عجاف, الآن أحدهما هناك, والآخر هنا

ذلك الذي هنا وجد عدادات الأمور غير متزنة مثل طائرة تهدد قائدها بالسقوط, وصوت ما ينادي بين نواصي السحاب.. انتباه

الآن مُنتبه أنا يا صديقي .. أن أعز الأصدقاء -فعلاً- لا يجب التقصير ولو حتى بالتفكير فيه، فكلمة "أعّز" قد تتسع لسنوات من المؤازرة والحب والمُشاركة

انت تعلم أن لنا أماً واحدة وأب واحد، نحبهما ويحبوننا، وأعتقد أن من هم مثلنا حَمَلَة الكتب المُلونة، ليس لديهم سوى الله, ذلك الرب الجميل الذي يُحِب ويُحَب, فتأتي طبطبته على قلوبنا في الوقت الذي نظنها لن تدق مبتهجة, وتأتي قرصته حين ندع الظروف تلهو بأفكارنا فنفيق ..

الآن فِق وعانق أعز أصدقائك .. كالرجال

....

هذا المقال للرجال الذين لم يفقدوا القدرة على الإحساس بعد, دون التفكير في أتربة الخيالات الحمقاء



مقالتي في مجلة إحنا عدد شهر يوليو