مشهد 1
ليل خارجي
شوارع
بشر يتكدسون فوق بعضهم البعض، لا ينعمون قط بفرحة حقيقية، ينتمون لوطن ما هناك ما يُشبه السرد عن تاريخه العريض، هؤلاء البشر انحدرت أحلامهم من الصعود للقمر، السفر حول العالم، طلب العلم في بلاد تـُقدّس العلم، الاستمتاع بالعمر، وأحلام أخرى من فئة الإنسانية السعيدة .. انحداراً مفزعاً لحلم شديد الرُخص .. الطعام
قطع
مشهد 2
ليل داخلي
بيوت
صالة شاسعة، تكدست فيها ألف مائدة فاخرة، وألف طاولة متوسطة الحال، وآلاف من الطاولات القـُرصية الريفية، ونفس البشر وقد هدأت أنفاسهم قليلاً وجف عرقهم المتسخ بالأتربة والعوادم، شاردون في العدم، نظرات خالية من الرضا و الاستمتاع، تبدو للناظرين أنها تتابع أجساداً عارية على شاشة صينية كبيرة، أو تنظر في بلاهة لأطباق تكره ما بجوفها، ولكن هؤلاء البشر يلوّكون في أفواههم السرطان
قطع
مشهد 3
ليل داخلي
غرفة أطفال
البشر الآن لديهم أطفال، يُمسكون بكتبٍ مدرسية داخل صفحاتها نجد علم دولة ما في طباعة رديئة، نرى لوناً أحمر يتجاوز الرسم .. لوناً أسود يتجاوز الرسم، ونسراً عارياً وكأنه يقف بجوار ملابسه الذهبية، الأطفال تمسك أقلاماً من الرصاص، وتكتب بلادي بلادي بلادي .. لكِ حُبي وفؤادي، يتذكرون كيف كانوا يهتفون بتلك الكلمات منذ ساعات بقليل من الإدراك وعميق من الإيمان في طابور مدرسي وهم يرفعون رقابهم العصفورية نحو قطعة قماش مُتسخة ومهترئة لا تسر الناظرين
قطع
مشهد 4
ليل داخلي
شاشة كمبيوتر
الأطفال نضجت، شباباً الآن بعد رحلة بدت لهم طويلة، تشابكت فيها أغصان الكذب فوق رؤوسهم حتى أجبرتهم على الانحناء، وحجبت عنهم شمساً بدت لهم صينية بدورها مثل كل التفاصيل، وأمام الشاشة نراهم وهم في حالة ما من تغيُّر كيميائي مُركّب، وفي عيونهم سطور كفرت بكل ذلك الخير المكتوب في الكتب أو كلمات الوالدين عن زمن لم يروه، الشباب يتحسسون ظهورهم المُتعبة من الانحناء، هناك شيء ما يحدث .. هناك شيء ما يحدث
قطع
مشهد 5
النهار الخارجي
ميدان واسع
أعلام نظيفة لعلم مصر، شباب ينتفضون تحت أغصان الكذب المتشابكة، أصوات من هؤلاء الخانعين الذي جاءوا بنا إلى تلك الحياة المُظلمة، تدعو لتسليك الأغصان، لكن الشباب تختار أن تكسر الكذب، ويبدأ شعاع الشمس الملهوف لتلك الأرض في الوصول، يتساقط على الأرض شباب مثل الورد، وبجوارهم تطير فراشات بنفسجية اللون في هيئة استعراضية نبيلة، تحمل أرواحهم وتصعد للسماء، وشباب تسيل الدماء على رقابهم، ولكن في أصواتهم حروف خالدة للحرية تسحق كلاباً بوليسية
قطع
مشهد 6 – فلاش باك
أبيض وأسود
نغمشة تسجيل قديم للغاية نهار
بدو يمتطون أحصنتهم ويرفعون سيوفهم، وخلفهم رُماة لا تـُميّزهم إلا القذارة، يمرون بجوار جنود من عصرنا بلا ملامح أو أطراف أو أسلحة .. ويقذفون النار والأحجار
مزج - ألوان طبيعية
ماسورة بندقية حديثة بمنظار رهيب
الشباب يموت .. والفراشات تحمل أرواحهم بنفس الاستعراض
قطع
مشهد 7
آخر النهار – خارجي
البشر (مشهد1) .. يتحركون في نظام مثل أموات أو بشر آليين، ويقولون نعم .. نريد أن نعود للسرطان
قطع
مشهد 8
ليل – داخلي
طريق به أعمدة نور قديمة
شاب يُمسك بورقة نتيجة ويعد على أصابعه عدة دورات وكأنه يحسب عدد أيام من تاريخ ما، ويبدو عليه الاستياء عدد الأيام الكبير وهو يرى البشر يضعون أطواق الورد حول أعناق الجنود الذين انحنوا في حب متناهي ويكملون طريقهم وهم يسحبون عدداً من اللصوص ثم ينعطفوا يساراً ليدخلوا مبنى ما يُشبه متحفاً خالياً، يقدمون للصوص الطعام والشراب، ويطلقون كلابهم البوليسية على الشباب المُعلّق من أرجله في ما يشبه المقصلة، ويسمع البشر صراخ أبنائهم ولكنهم يُفضلوا الركض مثل الوحوش من أجل مد المنزل بالسرطان
قطع
مشهد 9
ليل – داخلي
الشارع
ما تبق من الشباب ينظرون في ساعاتهم ثم إلى السماء، يبدو أنهم ينتظرون شيئاً ما، يلمحون على الأرصفة بعض اللصوص قد خرجوا لتوهم من زنازينهم وقد أفرغوا جيبوهم فقط، وعلى الجانب المقابل نرى نفس الشاب الذي يعد على أصابعه وهو ثائر ويركل الصخر ويقذف حجراً في السماء فيمر الحجر ليكسر شيئاً كان يحجب نور الشمس، ينظر الشباب لبعضهم في ذهول، ويكتشفون أن الأغصان عادت من جديد وأن النهار قد بدأ منذ فترة ولكن خلف تلك الاغصان
قطع
مشهد 10
فلاش باك
ليل خارجي
شارع
الجنود يتلفتون حولهم وهم يقومون بتشبيك الأغصان مرة أخرى في السماء، وقد لّفوا أسلاكاً شائكة حول كل غصن، ويبدو عليهم السرعة في العمل، يمر شاب بجوارهم، فيسرعون بحجب الأغصان بظهورهم ويتظاهرون بأنهم على أهبّة الاستعداد ... يلوّح لهم الشاب مُبتسماً ضاماً قبضته رمزاً للقوة، فيبتسموا له ابتسامة تسمى "ابتسامة البطل المتواضع"، حتى يُمر من الشارع فيستكملوا المُهمة بشكل أسرع
مشهد 11
ليل – داخلي
غرف نوم شباب
الشباب في آسرتهم مستلقون على ظهورهم، يفكرون في شيء ما، وعلى الأرض بقايا صور مُقطعة لبعض من البشر، ينظر الشباب من النوافذ فلا يروا بدراً في السماء، يرسمون بالطباشير على الحوائط شمساً وقمراً .. وينامون
قطع
مشهد 12
ليل – داخلي
غرف نوم شباب
شباب ارتدوا ملابسهم وقد تزيّنوا مثل المرّة الأولى، ينظرون نظرة وداع لأشيائهم المتراصة في الغرف، يتحسسون الشمس والقمر المرسومان على الحائط، يسمعون آذان ديك .. فيتحركون تاركين الأبواب مفتوحة .. وهنا ورقة على الحائط مرسوم عليها بالألوان الخشبية علم مصر .. ورقم 27 .. وكلمة : يا رب
علي قنديل
8 comments:
ولا كلمه توصف مدى روعه كلامك
شابوه يا استاذ على
لغتك البصرية حكاية ... ثوانى اقراها تالت مرّة ... واقول رأى
انظر أمامك بغضب !!
ماذا أقول يا صديقى
إن كلمة رائع لا تساوى شيئا بجانب ما كتبت .. خيالك جامح خيال .. وخيول الخيال جامحة وأنت خيالك له خيول جامحة
ربنا يوفقك يا صديقى .. ويوفقنا جميعا إلى ما فيه صلاح الأمة
أنا بحب 27 وحاسس عنده انطلاقة جديدة إن شاء الله .. :)
قد تفشل كل التوصيفات فشلا فاضحا عندما تحاول الإحاطة بهذا العمل ..
و لكنها تضمن نجاحها عندما تلعب على وصف المتلقي تحت غطاء وصف العمل ..
مدهش ، مذهل ، معبّر ، صادم .. قد تكون هذه الكلمات مناسبة :)
اااااه يا علي :))
اللى يتخيّلك بتنطق بآخر مشهد مايقولش انك على اللى كان قاعد معايا ع القهوة بعد الاستفتاء .. يا رب يا على .. يا رب
لابد من قراءتها أكثر من مرة
كل مرة فيها اكتشاف
لازم تجرب الإخراج
حلوة جدا.و بجد معبرة وممتعة
Post a Comment