إلى كـُل شاب تشرّفتُ بأن وقفت لجانبه، كتف بكتف .. في الميدان، هذا الذي صمد في ميدان التحرير، الذي فتح صدره لطلقات الرصاص، الذي خسر عينه
الذي احترق جلده المصري بزجاجات المولوتوف، إلى هذا الشاب الذي علّم العالم .. المعنى الحقيقي للإيمان بالوطن، والثبات من اجل الوطن، وحب الوطن
والوطن
إلى كل الشباب الرائع، الذين تشاركنا سوياً، مرارة قلة العدد وشوكة المنهزمين في صدورنا
إلى دمائنا .. التي اختلطت على وجوهنا، دون أن نهتم دماء من هي
إلى عماد .. الخيّاط الطيب، الشاب الذي لم يمُر من عقده الثان، الذي تشارك معي دمائي عندما جُرحت، وشاركته البصر عندما فقد عينه، الذي عندما انهتكنا إصاباتنا وجروحنا، حملنا الماء لأخواتنا في الميدان، بيميني السليمة ويسراه السليمة، واستطاع عماد رغم كـُل هذا .. أن يجعلني أضحك
إلى كـُل الشهداء الذين ضحّوا بدمائهم، ضحّوا بقبلة الحب النقي من أمهاتهم، بحضن مُبهج من أطفالهم، الذين ضحّوا بما أعلمه ولا أعلم .. كي أعيش
ربما وهم يموتون من أجلي، بحثوا عن أذني كي يهمسوا همسة بنكهة الروح
"لا تنسحب"
إلى ميدان التحرير، الرجل المصري العجوز الطيب، الذي ثبت معنا وبداخلنا، وحملنا بحنان الجد، عندما سقطنا، وبعطف نفتقده .. لكزنا كي نواصل الصمود
إلى أمي .. السيدّة الفاضلة: سهير متولي
التي كنت أذهب لأراها سريعاً، فتأخذني بين ذراعيها باكية .. ضاحكة، وإلى عيون أمي .. التي كانت تتشبث بأكتافي وأنا عائد للميدان
إلى أبي .. السيد الكريم: إبراهيم قنديل
الذي تبلوّر بأعوامه الخمسين، لذراع تحل محل المُصابة لدي، وقبّل رأسي هاتفاً: ربنا يحميكوا يا ولاد
إلى تلك القبلة التي طـُبعت على جبين، كل شباب 25 يناير
إلى دموع أبي وأمي الحبيبين
إلى صديقي (الأخ) تامر عباس
الذي ظل معي داخل أعمق نقطة من قلبي، بكلمته الرنانة :"جدعان جدعان"، وابنتك مريم التي ظلت تضحك أمام عينيّ، كل صباح وأنا في الميدان
إلى مريم التي أشعـُر نحوها بلون يُشبه لون الأبوّة، وزوجتك الفلسطينية .. سهام التي أشعر نحوها بشيء يُشبه الأخوّة
إلى الصديق الباق، من أصدقائنا الذين لم يتبق منهم إلا صور تركهوا لنا قبل السفر، صديقي إسلام
إلى جملتك التي احتوّت عضلاتي .. "شد حيلك"
إلى ابن خالتي المُغترب شادي قطيط
الحاضر الغائب، الذي كان حاضراً في الميدان .. رجل
إلى صديقتي الرائعة شذى الصاوي
التي شاركتني ألام فقدان الذاكرة، وناولتني من البلسم ما استطاعت، وتحملت معايا قدر لا يُستهان به من الألم
إلى كل كبار السن
الذين حلّقت دعواتهم فوق رؤوسنا، تدعو لنا الله أن ننتصر
إلى كل آنسة مصرية
ناولتني كوبا من الماء، أو خبزاً .. أو نظرة فرح
إلى الآنسة المصرية شيماء
المقيمة بالخارج وأوصتني بتقبيل أرض الميدان
وفعلت
إلى كل المصريين خارج مصر
الذين بكوا عندما رأونا نموت
الذين بكوا عندما رأونا ننتصر
الذين بكوا
إلى علم مصر
ذلك الشاب الخالد القوي، الذي رفرف في السماء .. وكسر قيود الكذب
إلى المتحف المصري
ذلك الرمز المصري، الذي قاد معركتنا الحربية، وهو قابع في مكانه
إلى كل المصريين الحقيقيين
الذين قالوا لا للظلم ونعم للكرامة
إلى كل المجرمين
الذين وقفوا أمام إرادتنا
إلى كل رصاصة صُوبت أو انطلقت
وكل سيف ارتفع
وكل جمل انطلق
وكل كاذب كذب
إلى كل الشرطة التي ارتشت
وأهانت
وعذّبت
وقتلت
وانسحبت
واختبئت
وتأخرت
الذين يظنون أنفسهم حماة الحمى
الذين ينتظرون التوسل
الجبناء
إلى ذلك العدد القليل من رجال الشرطة
الشرفاء
الذين انضموا بشكلٍ أو بآخر
أقول:
كما ثبتنا على تلك الـ"لا" العظيمة التي هزت عرش التاريخ
سأقول لا للكذب .. لا للنصب والاحتيال
لا لذلك الذي تسمونه بالدستور
لا سيف يفقد نصله الحاد .. عندما يتغيّر مقبضه
لا
لذلك المسخ .. الدستور المُعدّل
ونعم لرئيس قادم يؤمن تماماً
أنه خادم لدينا
نحن المصريين
علي قنديل
1 comment:
" لاسيف يفقد نصله الحاد عندما يتغير مقبضه " انا معاك جداً
Post a Comment