Friday, March 18, 2011

أيـهـا الحـافـي

أعترف أن أحد حوائط الإيمان بداخلي قد اهتز اليوم، وربما بالأمس

ذلك الإيمان بالوطن

الذي لم يُحرّكني فقط بل حرّك جموع شباب 25 يناير من قبلي ساعات وأيام وأسابيع

فكرة عبقرية هي فكرة الإيمان، تـُوّفر لك قدرة آلهية على المُضي قدماً في طريق ليس فقط غير مُمهد بل أن بشرته ما هي إلا شظايا الزجاج، ذلك الطريق هو مولد الإيمان الذي لن تشعر به إلا وأنت حافي القدمين، وستجد نفسك تعدو على الشظايا مثل عدّاء إفريقي تهتز كتلة الأرض تحت أقدامه

الإيمان .. أن تصل لمرحلة تعي بها تماماً أنك قد .. بل لا .. أنت بالفعل ستـُجرح، ستصُاب، ستـًصبح وحيداً، ستكون منبوذ، سيتكالبوا عليك أيها الأعزل .. ستموت

الإيمان .. هو أن تعي كل هذا يا حافي القدمين .. ولكن تؤمن بأنك لن تخسر

الإيمان هو انت، بلا رتوش أو شيء يسترك، فلن تجد ذلك السوبر مان الطائر كي يُـنقذك من ضميرك، لا شيء يعلو فوق صوت الضمير، انت تعلم ماذا فعلت وتفعل وستفعل وعلى ماذا قادر انت يا حافي القدمين

الإيمان .. ذلك الترياق الذي يقتل سُم الخوف، فبعقلك ؟ مما سيخاف العدّاء حافي القدمين الذي يركض مثل فهد على الزجاج؟

هل سيخاف من تلك الشظية لإنها مسنونة أكثر، أم تلك التي رغم صغر حجمها إلا أن لها أكثر من سن قاسٍ، أم تلك الشظية النحيفة المدببة؟ فقد تعلق في كعبه ويظل يطرق عليها بكل خطوة تقفز في السحاب وتعود للشظايا؟

لا أيها الحافي، انت الآن لا تـُفكر في كل تلك الماركات الرهيبة للشظايا .. انت الآن تؤمن .. لا وقت للتفكير عندما يتعرض إيمانك للاختبار من ضميرك .. إيمانك بأنك ستتمكن من الوصول لخط النهاية

الإيمان .. ذلك البحر الوردي الذي تسبحُ فيه مثل عارض أزياء جذاب، تعشق نفسك عندما ترى أمواجه تحيّك تحية تفوق احترام تحية العسكر، لا وجود لأسماك القرش في مياه الإيمان الوردية، قد تغطس فضولاً في معرفة أسراره، فترى زهرةً تعشقك، حكمةً تـُربيك، درساً يحنو عليه بعلِمه، شعيرات من البلوغ تنبت في صدر عقلك الذي يرى في إيمانه.. الرجولة

الإيمان .. كشف حساب يجعلك عندما تخطئ، تبحث عن وسيلة لفهم هذا الخطأ، انت لن تبحث عن مُبرر مثل الكافرين، انت انسان مؤمن يعلم تماماً أنه يُخطئ، قد لا ترى ذنباً رهيباً في الخطأ، ولكنك لن تكذب .. ستقول في قرارة نفسك النقية: يا ويلتي من ضميري .. لقد أخطئت، وصدّقني .. سيكون صوتاً رخيماً جهورياً حتى أن إيمانك سيقوله بصوت لونه الصدق .. على لسانك

أيها الحافي .. يا من تركض مرتدياً ورقة مكتوب عليها رقماً تحبه "خمسة وعشرين"، أيها الحافي المؤمن الذي ستُحدد المسافة التي قطعها بقعاً حمراء اللون من دماء قدميه المتراصة خلفه، والتي قد تـُصبح خطاً.. أكثر حمرة وغـُمقاً قبل خط الوصول

أيها الحافي الذي آمن فصدق .. وحدث فلم يكذب .. وأمّنته بلاده .. فلم يخـُن

أيها الحافي المؤمن .. بالله، بالوطن، بالفكرة، بالمبدأ، بنفسك، أيها المؤمن بأي شيء

بلادك الرائعة .. كما صرخّتَ لها، وفتحتَ الجنة بمفتاح الغضب، وتركت لك على عَلَمها نسراً يُذكّرك بما جاء لك به في الحلم وانت صغير، نسراً تبحث عنه بين طيّات القماش في رفرفة كانت حزينة، نسراً رغم علو شأنه، إلا أنه عندما فرح بك .. خرج من بين الألوان وحطّ على كتفيك كي يُقبلك

تنتظرك انت دون غيرك على خط النهاية، ستجد في بلادك زروعاً خضراء باردة بالندى عند الفجر تحتضن قدميك المدمومتين، ستجد شجرة جميز تظللك تحت أجنحتها حتى يجف عرقك، ستجد نيلاً يتمنى ان تشرب من كفيه البيضاويتين

أيها الحافي .. بلادك الرائعة .. تنتظرك انت دون غيرك

تحمّل الألم، لقد فقدت كثيراً من الدم، انت مُرهق .. مُجهد .. تكاد تفقد الوعي، لا تكل ولا تمل .. كل هذا يعني انك على بعد خطوات من النهاية

إيّاك الوقوف .. إيّاك الوقوف .. إياك الوقوف

لا تفقد دماً غالياً لإنك تستسلم .. دّعه ينبثق بكبرياء الأبطال من بين ألاف الجروح في كعبيك المتورمتين، اسمعني جيداً وانت تركض متثاقلاً .. هذا أفضل من السقوط مثل النعاج، اسمعني جيداً ولا تقف .. استمر .. انت رائع .. الجنة على بُعد عدة خطوات من هنا

سترى هذا الشريط الأبيض النحيف، خط النهاية .. نوراً روحانياً لم ترى مثله من قبل، ولكي أصدقك القول .. لن تستمتع بهذا كثيراً ..

سترى أناساً يحملونك على الأعناق، سترى في عيونهم فخراً وفرحة، سيحملونك ويُخبروا العالم بأسره .. أنك بطل، ثم سيضعونك على الأرض مُمدداً، سيتظاهرون بأنهم يُضمدون جراحك، ثم ترى منهم أناسا آخرين على الأعناق يهتفون باسمك، يتكالبون على الكأس الماسية .. جائزتك، يتظاهرون بأنهم فرحين بها، يتظاهرون بأنهم يقومون بتلميعها، لن تر لعابهم على شفتيهم .. ستراه في عيونهم

اهتم انت بتضميد جراحك أيها الحافي، تحمّل ألم استخراج قطع الزجاج التي ستسرق منك كـُراتك الدموية بلا رحمة، تحمّل وافتخر .. انت لم تفعل هذا لإنك بطل.. لقد انتصرت لإنك تؤمن

الآن فقط هو وقت المتظاهرون .. لا تقلق .. سينتهي العرض قريباً ويأتي دور المؤمنون، لا تقلق يا سيدي .. ستنال جائزتك

فعدسة الوطن كانت معك منذ خط البداية .. أي أنها سجّلت كل شظية

أعترف أن أحد حوائط الإيمان بداخلي قد اهتز اليوم، وربما بالأمس

عندما حلُمت بهؤلاء المتظاهرون يتظاهرون بتضميد أقدامهم .. ولكن مازال إيماني قصراً من اللؤلؤ

فأنا أؤمن بك .. أيها الحافي

.


إلى كل مصري كان في التحرير

آمن بالتحرير

كان يتمنى ان يكون في التحرير

إلى كل مصري بداخله .. يوجد التحرير

أنا أحبك


علي قنديل .. لا

3 comments:

Unknown said...

وصفك فوق الرائع يا علي..
وصف حد حاسس بكل كلمة قايلها ...حد بيتمنى وهو كله "ايمان" انه النهاية الي كاتبها تكون هي النهاية الي هيوصلها

كل واحد جواه التحرير فعلا يا علي.. صدقت القول

السباق لسة مخلصش ... والعداء لازم يكمل

وصفك للجروح والزجاج مؤلم قوي يا علي ... خلاني احس اني بت فافي يا عم :D
سلمت يداك يا بطل ... كمل يا علي, كل ابطالنا لازم يكملوا علشان الشريط الأبيض النحيف اقرب ليهم في موقعهم دلوقتي من نقطة البداية..

شايما :)

TamerAbbas said...

لا أروع من قراءة سطور معبرة عن بطولة حقيقية, و نعيشها, بل من يسطرها يكون صديق محبب الى قلبك, يشاطرك التفكير و وجهات النظر عن بعد, و هو بطل :)

تامر عباس

amany monmon said...

فيك مش فى غيرك ياعلى
البساطه فى الإسلوب والعمق فى المعنى

كلامك بيتحس قبل مايتفهم
أنا مبسوطه أوىىىىىىى إن ربنا رزقنى بصديق زيك :)
بجد الحمد لله على نعمة (على قنديل) ..ساحبى ;)