Wednesday, April 29, 2009

على يمين المرآة



امتدت أصابعه لتحكم إغلاق الزر قبل الأخير من قميصه الأسود، وكل ذرة في عقله تعلم أنه لن يخرج من باب شقته بهذا القميص، بل أنه هو نفسه يعلم تماماً أنه سيقوم بتغيير البنطلون الأسود الجينز أيضاً !

يرتدي حذاءه البني الفاخر ويراقب نفسه، وهو يتبع الأسلوب الأكثر تعقيداً في عقد الرباط، إلا أن مهارته وخفة يده تشفعان له عدم قدرته على ممارسة الربطة الكلاسيكية البسيطة !

يستند بكف يده الأيسر على ظهر الكرسي الأسواني وينظر لنفسه في المرآة، يحاول التعرف على نسخة اليوم، يتأكد أولاً من التفاصيل المشتركة بين كل الممثلين الذين ظهروا على تلك المرآة الطويلة والتي يرى فيها وقفته كاملة، دائما ما يرى نفس الجسم والملامح، إلا أن هناك تغييراً جذرياً بين كل لمحة والأخرى، حتى أنه تذكر ما حدث ليلة البارحة .. عندما ارتدى فانلته الرياضية وبنطلونه الأزرق الجينز .. ووقف أمام المرآة يحدق .. نظر في محفظته وعاد مرة أخرى للمرآة .. فوجد شخصاً جديداً .. فامتعض

رغم أنه سئم الأمر .. إلا أن فضوله يجبره على التركيز والتدقيق .. عله يوماً يرى شخصاً يشبهه في المرآة .. مرتين، إلا أن إيمانه بوجود طابور طويل داخل الحائط من أشخاص تشبهه على يسار المرآة .. خلق احتمالية أن أحدهم قد يفكر في الغش ويقف في الطابور مرة ثانية .. لمجرد الظهور في المرآة !

بعد أن ارتدى قميصه القطني الأبيض .. وبنطلون رمادي اللون .. وقف في الشرفة يفكر .. أين يذهب الواقفون في الطابور .. بعد المرآة ؟

تمر أشهر كثيرة

وقبل أن يُصاب بالجنون المنطقي لهذه المرآة، وقف عارياً وحدث نفسه قائلاً .. " هذه هي المرة الأخيرة التي سأنظر فيها لتلك المرآة "

نظر للمرآة بغتة .. فوجد حبيبته تقف مرتدية فستانها البرتقالي .. مبتسمة

فحنث بقسمه


2 comments:

فكرة من الزمن ده said...

مرات كتير ننظر في المراة فعلا فلا نرى انفسنا
ومالصديق الحقيقي يفيد في هذه الحالة لانه المراة الحقيقية لنا ان خدعتنا المرايا الصامتة
تحياتي

mera said...

عشان كده اسمه ايه ده بيقول من اخترع المرايا ليس بالضرورة ان يكون نرجسيا لكنه اخترعها ليتشفي من الذين يهربون من انفسهم

حلللللوة جدا
بس سلامو عليكو